كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)
265
فكم سدّ من ثغر و كم شاد من علا
و كم شدّ من أزروكم حطّ من وزر
بأفق سماه قلعة الجبل ازدهت
فمدّت جناحا فوق قادمة النّسر 1
و حفظا غدت ذات البروج و زيّنت
به من حلاه الغرّ بالأنجم الزّهر
حمى حوزة الإسلام بالبأس و النّدى
و جهّز جيش النّصر فى اليسر و العسر
بكلّ حديد الطّرف أسمر إن رنا
إلى مقتل أصماه بالنّظر الشّزر
و من أبيض لا يعرف الصّفح إنّما
يقابلهم بالحدّ فى لبّة النّحر
مضاربه لا تنثنى عن ضريبة
إذا راح يحكى البحر فى المدّ و الجزر
يريش و يبرى للعدى منه أسهما
و فى السّلم و الجدوى يريش و لا يبرى
إذا اعتقل الخطّىّ كلّم خصمه
بطول لسان فى تلهّبه جهرى 2
يريهم يقين الموت بالشّكّ سرعة
و يستخرج الأضغان من داخل الصّدر
و إن جرّد الهندىّ عاينت شعلة
لها شرر ترمى به الدّهر كالقصر
يجرّهم للموت نون قسيّه
و ما خلت أنّ النّون من أحرف الجرّ
مواظبة للخمس فى طوع ربّها
و خدمة باريها ملازمة الوتر
/لمدركة تنمى كنانة سهمه
و عامله الميّاد يعزى إلى النّضر
و أسيافه مشهورة فى عداته
تذيقهم بالنّكر عاقبة المكر
حماسته يوم اللّقا أم تغزّل
يريك افتنانا منه بالبيض و السّمر
فما اضطربت فى غير قلب سيوفه
و لا اختلجت أرماحه فى سوى الصّدر 3
فيا للسّجايا البرمكيّة عوّضت
من الكاف شينا كم به نلت من فخر
و كم حزت من أجر و أوليت من ندى
و يسّرت من عسر و أنقذت من أسر
و يا حافظ الإسلام من طعن جاهل
يصيب و يخطى فى الحديث و لا يدرى
مددت يد النّعما بجود قصرته
عليك لقد أبدعت فى المدّ و القصر
و كم لك فى الهيجاء من عربيّة
تباهى بها الأقران فى الكرّ و الفرّ
لصهوتها يا فارسىّ زمانه
نحوت فلم تعبا بزيد و لا عمرو
منكّسة أعلامهم و رءوسهم
فلا غرو أن يبنى الجميع على الكسر
1) النسر: كوكبان، أحدهما الواقع و الآخر الطائر.
2) فى س: «فى تلهبه جمرى»، و المثبت فى: ط، ن.
3) فى ط: «فى سوى صدر»، و المثبت فى: س، ن.
الصفحة 265