كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)
282
616 - جعفر بن يحيى بن خالد، أبو الفضل البرمكى *
قال الخطيب: كان من علوّ القدر، و نفاذ الأمر، و عظم المحلّ، و جلالة المنزلة، عند هارون الرشيد، بحالة انفرد بها، و لم يشارك فيها، و كان سمح الأخلاق، طلق الوجه، ظاهر البشر، فأما جوده و عطاؤه فأشهر من أن يذكر، و أبين من أن يظهر، و كان أيضا من ذوى الفصاحة، المذكور 1 باللّسن و البلاغة، و يقال: إنه وقّع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، نظر فى جميعها، فلم يخرج شاء منها عن موجب الفقه.
قال: و كان أبوه يحيى بن خالد قد ضمّه إلى أبى يوسف القاضى، حتى علّمه و فقّهه.
و قال ثمامة بن أشرس: ما رأيت رجلا أبلغ من جعفر بن يحيى و المأمون.
/و حكى العباس بن الفضل، 2 قال: اعتذر رجل إلى جعفر بن يحيى البرمكىّ، فقال له جعفر: قد أغناك الله بالعذر [منّا] 3 عن الاعتذار إلينا، و أغنانا بالمودّة لك عن سوء الظّنّ بك.
و حيث كان يروى عنه فى الكرم، و إسداء النّعم، و إكرام جلسائه، و الإحسان إلى أوليائه، و تحقيق ظنّ آمليه، و تفريج كربة سائليه، ما تضيق عنه الدّفاتر، و تعجز عن ضبطه الأقلام و المحابر، و تغنّى به الرّكبان، و تتجمّل بذكره مجالس الأعيان، فلا بأس أن نذكر منها طرفا يسيرا يكون لأهل الكرم به قدوة، و لضعيف الهمّة باعثا على الجميل و موجدا له نحوه، و ليعلم أن المرء لا يبقى له بعد موته إلاّ الذّكر الجميل، و الثّناء الحسن الجزيل.
فمن ذلك ما روى ابن عساكر، عن المهذّب صاحب العباس بن محمد، صاحب قطيعة العباس و العبّاسيّة، أنه أصابته ضائقة، و ألحّ عليه المطالبون، و عنده سفط 4 فيه جوهر،
*) ترجمته فى: البداية و النهاية 10/ 189، 198، تاريخ بغداد 7/ 152 - 160، تاريخ الطبرى 8/ 294 - 300، الجواهر المضية، برقم 408، شرح قصيدة ابن عبدون 222 - 232، العبر 1/ 298، الكامل 6/ 175 - 179، مرآة الجنان 1/ 404 - 415، النجوم الزاهرة 2/ 123، الوزراء و الكتاب 204، وفيات الأعيان 1/ 328 - 346. و انظر البيان و التبيين 1/ 105، 106، 111، 115، 3/ 351، 354، 355، 356.
1) فى تاريخ بغداد: «المذكورين».
2) تاريخ بغداد 7/ 152، 153.
3) تكملة من تاريخ بغداد.
4) السفط: ما يعبأ فيه الطيب و حلى النساء.