كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

283 مشتراه عليه ألف درهم، فحمله إلى جعفر ليبيعه منه، فاشتراه بثمنه، و وزن له ألف ألف، و قبض منه السّفط، و أجلسه عنده فى تلك الليلة، فلمّا رجع إلى أهله إذا السّفط قد بلغه إلى منزله، فلمّا أصبح غدا إليه ليتشكّر له، فوجده مع أخيه الفضل على باب الرشيد، يستأذن عليه، فقال له جعفر: إنّى قد ذكرت أمرك للفضل، و قد أمر لك بألف ألف، و ما أظنّها إلاّ سبقتك إلى أهلك، و سأفاوض فيك أمير المؤمنين. فلمّا دخل ذكر أمره له، و ما لحقه من الدّيون، فأمر له بثلاثمائة ألف دينار.
و روى الخطيب 1 أن جعفرا كان ليلة فى سمره و عنده أبو علقمة الثّقفىّ صاحب الغريب، فأقبلت خنفساة إلى علقمة، فقال: أليس يقال: إن الخنفساة إذا أقبلت إلى رجل أصاب خيرا؟ قالوا: بلى. فقال جعفر: يا غلام أعطه ألف دينار. ثم نحّوها فعادت إليه، فقال: يا غلام، أعطه ألف دينار 2. فأعطاه.
و روى أيضا 3 أن جعفرا حجّ مرّة مع الرشيد، فلما كانوا بالمدينة، قال لإبراهيم الموصلىّ: انظر لى جارية أشتريها، و لا تبق غاية فى حذاقتها بالغناء و الضّرب و الكمال، و الطّرف، و الأدب، و جنّبنى قولهم: صفراء.
قال إبراهيم: فوصفتها 4 على يد من يعرف، فأرشدت إلى جارية لرجل، فدخلت عليه، فرأيت رسوم النّعمة عنده، فأخرجها إلىّ، فلم أر أجمل منها و لا أصبح و لا آدب، قال: ثم تغنّت لى أصواتا فاجادتها، قال: فقلت لصاحبها: قل ما شئت، قال: أقول لك قولا لا أنقص منه درهما، قلت: قل. قال: أربعين ألف دينار. قال: قلت قد أخذتها، و اشترطت عليك نظرة. قال: ذاك لك.
قال: فأتيت جعفر بن يحيى، فقلت: قد أصبت حاجتك على غاية الكمال و الظّرف و الأدب و الجمال و نقاء اللون و جودة الضّرب و الغناء، و قد اشترطت نظرة فاحمل المال، و مرّ بنا.
قال: فحملنا المال على حمّالين، و جاء جعفر مستخفيا، فدخلنا على الرجل، فأخرجها، فلما رآها جعفر أعجب بها، و عرف أن قد صدقته، ثم غنّته فازداد بها عجبا، فقال لى: اقطع

1) تاريخ بغداد 7/ 153.
2) فى س بعد هذا زيادة: «أخرى»، و المثبت فى: ط، ن، و تاريخ بغداد.
3) تاريخ بغداد 7/ 154، 155.
4) فى تاريخ بغداد: «فوضعتها».

الصفحة 283