كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

284 أمرها. فقلت لمولاها: هذا المال قد نقدناه و وزنّاه، فإن قنعت و إلاّ فوجّه إلىّ من شئت لينتقده. فقال: لا، بل أقنع بما قلتم.
قال: فقالت الجارية: يا مولاى، فى أىّ شاء أنت؟
فقال: قد عرفت ما كنّا فيه من النّعمة، و ما كنت فيه من انبساط اليد، و قد انقبضت عن ذلك لتغيّر الزمان/علينا، فقدّرت أن تصيرى إلى هذا الملك، فتنبسطى فى شهواتك و إرادتك 1.
فقالت الجارية: و اللّه يا مولاى لو ملكت منك ما ملكته 2 منّى ما بعتك بالدنيا و ما فيها، و بعد فاذكر العهد.
و قد كان حلف لها أن لا يأكل لها ثمنا، فتغرغرت عين 3 المولى، و قال: اشهدوا أنها حرّه لوجه الله تعالى، و أنّى قد تزوّجتها، و أمهرتها دارى.
فقال لى جعفر: انهض بنا.
فقال: فدعوت الحمّالين ليحملوا المال، قال: فقال جعفر: لا و الله، لا يصحبنا منه درهم.
قال: ثم أقبل على مولاها، فقال: هو لك مباركا 4 لك فيه، أنفقه عليك و عليها. قال:
و قمنا و خرجنا.
و روى أنه لما حجّ اجتاز فى طريقه بالعقيق، و كانت سنة مجدبة، فاعترضته امرأة من بنى كلاب، و أنشدته:

إنّى مررت على العقيق و أهله
يشكون من مطر الربيع نزورا

ما ضرّهم إذ كان جعفر جارهم
أن لا يكون ربيعهم ممطورا

فأجزل لها العطاء.

1) فى س: «و إراداتك»، و المثبت فى: ط، ن، و تاريخ بغداد.
2) فى تاريخ بغداد: «ملكت».
3) فى س: «عينا»، و المثبت فى: ط، ن، و تاريخ بغداد.
4) فى تاريخ بغداد: «مبارك».

الصفحة 284