كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)
286 لجعفر، و ذلك ليلة قتل، فدار بينه و بينه كلام، فأخرج سيفا من تحت فراشه، و أمر بضرب عنقه به، و جعل يتمثّل ببيت قيل فى أنس، قبل ذلك، و هو:
/تلمّظ السيف من شوق إلى أنس
فالسيف يلحظ و الأقدار تنتظر
فضرب عنقه، فسبق السّيف الدّم، فقال الرشيد: رحم الله عبد اللّه بن مصعب. فقال الناس: إنّ السيف كان سيف الزّبير بن العوّام، رضى اللّه تعالى عنه.
و قيل 1: إنه بسبب العبّاسة أخته، فإن جعفرا كان يدخل على الرشيد بغير إذن، حتى إنه كان ربما دخل عليه و هو فى الفراش مع حظاياه، و هذه وجاهة عظيمة، و منزلة عالية، و كان من أحظى العشراء على الشّراب، فإن الرشيد كان يستعمل فى أواخر ملكه المسكر، 2 و كان المخلف 2. و كان أحبّ أهله إليه أخته العبّاسة بنت المهدىّ، و كان يحضرها معه، و جعفر البرمكىّ حاضر أيضا، فزوّجه بها، ليحلّ له النّظر إليها، و اشترط عليه أن لا يطأها، فكان الرشيد ربما قام و تركهما و هما ثملان من الشّراب، فربما واقعها جعفر، فاتّفق حملها منه، فولدت ولدا بعثته مع بعض جواريها إلى مكة، و كان يربّى هناك.
و ذكر قاضى القضاة ابن خلّكان فى «الوفيات» 3 صفة أخرى فى مقتل جعفر، و ذلك أنه لمّا زوّج الرشيد جعفرا من العبّاسة أخته، أحبّته حبّا شديدا، فراودته عن نفسه، فامتنع أشدّ الامتناع من خشية أمير المؤمنين، فاحتالت عليه، و كانت أمّه تهدى إليه فى كلّ ليلة جمعة جارية حسناء بكرا، فقالت لأمّه: أدخلينى عليه فى صفة جارية من تلك الجوارى.
فهابت من ذلك، فتهدّدتها 4 حتى فعلت، فلمّا دخلت عليه، و كان لا يتحقّق وجهها من مهابة الرشيد، فواقعها، فقالت له: كيف رأيت خديعة بنات الملوك؟ فقال: و من أنت؟ فقالت: أنا العبّاسة. و حملت منه 5 تلك اليلة، فدخل على أمّه، فقال لها: بعتينى و اللّه برخيص.
1) البداية و النهاية 10/ 189.
2 - 2) لم ترد الجملة فى البداية و النهاية، و فى ط: «و كان المختلف»، و فى ن: «و كان المحلف»، و المثبت فى: س، و فى القاموس: «و أخلف النبيذ: فسد».
3) الجزء الأول، 333.
4) فى س: «فلم تزل بها»، و المثبت فى: ط، ن، و قد تصرف التميمى فى رواية ابن خلكان.
5) فى ن بعد هذا زيادة على ما فى ط، ن: «من».