كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

295 و عن ثمامة بن أشرس 1، قال: بتّ ليلة مع جعفر بن يحيى بن خالد، فانتبه من منامه 2 يبكى مذعورا، فقلت: ما شأنك؟ قال: رأيت شيخا جاء فأخذ بعضادتى هذا الباب، و قال 3:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا
أنيس و لم يسمر بمكّة سامر

قال: فأجبته:

بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا
صروف اللّيالى و الجدود العواثر 4

/قال ثمامة: فلمّا كان الليلة المقبلة، قتله الرشيد، و نصب رأسه على الجسر.
قال 5: ثم خرج الرشيد فى بعض الأيّام ينظر إليه و هو مصلوب، فأنشأ يقول:

تقاضاك دهرك ما أسلفا
و كدّر عيشك بعد الصّفا

فلا تعجبنّ فإنّ الزّمان
رهين بتفريق ما ألّفا

قال: فنظرت إلى جعفر، فقلت: أما لئن أصبحت آية، فلقد كنت فى الخير غاية.
قال: فنظر الرشيد كأنه جمل يصول 6، ثم أنشأ يقول:

ما يعجب العالم من جعفر
ما عاينوه فبنا كانا

من جعفر أو من أبوه و من
كانت بنو برمك لو لا نا

ثم حوّل وجه فرسه، و انصرف.

1) البداية و النهاية 10/ 197.
2) تكملة من البداية و النهاية.
3) البيتان لعمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمى، يتشوف مكة لما أجلتهم عنها خزاعة، و هما له فى: أنساب الأشراف 1/ 8، 9، تاريخ الطبرى 2/ 285، و جاء اسمه فيه عامر بن الحارث، و هو خطأ، صوابه فى صفحة 284 السابقة، حيث تقدمت أبيات من القصيدة منسوبة لعمرو بن الحارث-سيرة ابن هشام 1/ 114، 115، اللسان (ح ج ن) 13/ 109، معجم البلدان 2/ 215، 4/ 623، و نسبه ياقوت فى الأول لمضاض بن عمرو الجرهمى. و الحجون: جبل بأعلى مكة، عنده مدافن أهلها. معجم البلدان 2/ 215.
4) فى أنساب الأشراف، و سيرة ابن هشام: «كنا أهلها فأزالنا».
5) البداية و النهاية 10/ 197.
6) فى س، و البداية و النهاية: «صؤول»، و المثبت فى: ط، ن.

الصفحة 295