كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

51 كان ابن أخت المزنىّ، و أن محمد بن أحمد/الشّروطىّ، قال: قلت للطّحاوىّ: لم خالفت خالك، و اخترت مذهب أبى حنيفة؟.
فقال: لأنّى كنت أرى خالى يديم النّظر فى كتب أبى حنيفة، فلذلك انتقلت إليه.
انتهى.
قلت: هذا هو الأليق بشأن هذا الإمام، و الأحرى به، و أنه لم ينتقل من مذهب إلى مذهب بمجرّد الغضب، و هوى النّفس، لأجل كلمة صدرت من أستاذه و خاله، فى زمن الطّلب و التّعلّم، بل لما استدلّ به على ترجيح مذهب الإمام الأعظم، و تقدّمه فى صحّة النّقل، و إيضاح المعانى بالأدلّة القويّة، و حسن الاستنباط، من كون خاله المزنىّ مع جلالة قدره، و وفور علمه، و غزير فهمه، كان يديم النّظر فى كتب أبى حنيفة، و يتعلّم من طريقته، و يمشى على سننه فى استخراج الدّقائق من أماكنها، و الجواهر من معادنها، نفعنا الله ببركة علومهم أجمعين.
و قال الذّهبىّ، فى «طبقات الحفّاظ»: ناب فى القضاء عن أبى عبد اللّه بن عبدة، قاضى مصر بعد السبعين و مائتين.
و ترقّت حاله، فحدث أنه حضر رجل معتبر عند القاضى محمد بن عبدة، فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد اللّه، عن أمّه، عن أبيه؟.
فقلت: حدّثنا بكّار بن فتيبة، حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا سفيان، عن عبد الأعلى الثّعلبىّ، عن أبى عبيدة، عن أمّه، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، قال: «إنّ اللّه ليغار للمؤمن فليغر».
و حدّثنا به إبراهيم بن أبى داود، حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان، موقوفا.
فقال الرجل: تدرى ما تقول، تدرى ما تتكلّم به؟!.
قلت: ما الخبر؟.
قال: رأيتك عشيّة مع الفقهاء فى ميدانهم، و أنت الآن فى ميدان أهل الحديث، و قلّ من يجمع ذلك.
فقلت: هذا من فضل اللّه تعالى و إنعامه. انتهى.
و صنّف الطّحاوىّ كتبا مفيدة، منها «أحكام القرآن» فى نيّف و عشرين جزءا،

الصفحة 51