كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

57 هذا، و قد أفصح فى نظم القصيدة المذكورة سابقا عن بعض حاله، و كثرة حلّه و ترحاله، حيث يقول:

ألا إنّنى يا أهل جلّق منكم
و من نسبى أنساب سعد و عثمان

و مسقط رأسى فى دمشق و قد مضى
بها جلّ أسلافى و أهلى و إخوانى 1

و لكنّما حكم الإله بما جرى
قضى لى بتغريب الدّيار فأقصانى

/و دحرجنى ذا الدّهر فى صولجانه
لأطوار أدوار و كثرة دوران

فقضّيت غضّ العمر فى طلب العلى
على بعد أوطانى و قلّة أعوانى

فطورا ترى بالصّين سابق ناقتى
و حينا ترى بالرّوم قائد هجّانى 2

و طورا ترانى ذا ثراء و تارة
ألوك الثّرى فقرأ و أكتم أشجانى

و فى كلّ أطوارى ترانى مشبّثا
بذيل المعانى غير واه و لا وانى

أبا كر درس العلم جهدى و طاقتى
و أخدم أهل الفضل فى كلّ أحيانى

و من شعر ابن عرب شاه أيضا قوله 3:

السّيل يقطع ما يلقاه من شجر
بين الجبال و منه الأرض تنفطر 4

حتى يوافى عباب البحر تنطره
قد اضمحلّ فلا يبقى له أثر

و منه أيضا قوله 5:

فعش ما شئت فى الدنيا و أدرك
بها ما شئت من صيت و صوت

فحبل العيش موصول بقطع
و خيط العمر معقود بموت

و له غير ذلك من الأشعار الرّائعة، و التّآليف الفائقة.

1) فى ط، ن: «و أهلى و خلانى»، و المثبت فى: ص.
2) يقال: هجان. بكسر ففتح، و قد شدد الجيم لضرورة الوزن. و الهجان من الإبل: البيض الكرام.
3) البيتان فى الضوء اللامع 2/ 128.
4) فى الضوء: «السيل يقلع ما يلقاه».
5) البيتان فى الضوء اللامع 2/ 129.

الصفحة 57