كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 2)

66 إفتاء دار العدل، و درّس بالجامع الأزهر، و غيره، و جمع «شرحا» على «البخارىّ»، و كان يرمى بالهنات.
و لمّا ولى التدريس، قال: لأذكرنّ لكم ما لم تسمعوا، فعمل درسا حافلا، فاتّفق أنّه وقع منه شاء، فبادر جماعة فتعصّبوا عليه، و كفّروه، فبادر إلى السّراج الهندىّ، فادّعى عليه عنده، و حكم بإسلامه، فاتّفق أنّه بعد ذلك حضر درس السّراج الهندىّ، و وقع من السّراج شاء، فبادر الرّكن، و قال: هذا كفر. فضحك السّراج حتى استلقى، و قال: يا شيخ ركن الدين تكفّر من حكم بإسلامك. فأخجله. انتهى.
و قال الولىّ العراقىّ: كان يذكر بفضل، و براعة، و تفنّن فى العلوم، و لكن سمعت قاضى القضاة برهان الدين ابن جماعة، يقول: دعانا الأمير أرغون شاه لحضور الدّرس عنده، يعنى:
عند الشيخ ركن الدين، بجامع الماردانىّ 1، فخطب خطبة مليحة، ثم قال: و السلطان أعجلنا بالخروج إلى السّرحة عن حفظ الدّرس، فأخرج كرّاسا من كمّه ليقرأ منه الدّرس، فقلنا: حصل المقصود بما تقدّم. و قمنا، و كأنّه لم يكن حافظه.
قال العراقىّ: و سمعت والدى يقول: /إنه كان حاضرا سماع «صحيح البخارىّ» بمجلس السلطان الأشرف، فمرّ حديث شقّ الصّدر، فقال: هذا كناية عن شرح الصّدر، فردّ عليه الحاضرون، و منهم شيخنا الشيخ ضياء الدين القرمىّ، و قال له: فى «الصّحيح» 2 أنّ أنسا قال: كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره صلّى اللّه عليه و سلّم. فسكت.
و يقال: إن الشيخ ضياء الدين كان نائبا عنه بالقرم.
مات سنة ثلاث و ثمانين و سبعمائة، رحمه اللّه تعالى.
و من فوائده: ما نقله عنه تلميذه الشيخ عزّ الدين ابن جماعة، أنه قال: شرف العلم من ستّة أوجه: موضوعه، و غايته، و مسائله، و وثوق براهينه، و شدّة الحاجة إليه، و خساسة مقابله.
***

1) هو جامع ألطنبغا الماردانى، خارج باب زويلة بجوار خط التبانة، و يقع الآن فى شارع التبانة، قسم الدرب الأحمر، بالقاهرة. انظر حاشية النجوم الزاهرة 9/ 112.
2) إنماء جاء هذا فى صحيح مسلم 1/ 147 (باب الإسراء برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، من كتاب الإيمان).

الصفحة 66