كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 2)

بِالنُّونِ لِيَصِحَّ الْمَعْنَى أَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالتَّاءِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ شَرْطُهُ عَلَيْهِ فَاسِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: وَأَحْصُدُهُ أَنَا أَوْ وَنَحْصُدُهُ نَحْنُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمُخَالِفَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ وَاحْصُدْهُ لَيْسَ شَرْطًا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَيُوَافِقُهُ تَسْوِيَتُهُمْ بَيْنَ بِعْتُك هَذِهِ النَّخْلَةَ بِشَرْطِ أَنَّ ثَمَرَتَهَا لَك وَبِعْتُك وَثَمَرَتُهَا لَك وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ نَحْوَ بِعْتُك وَأَقْرَضْتُك أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك وَاقْتَرَضْتُكَ بَاطِلٌ مِثْلَ وَتُقْرِضُنِي وَعَلَيْهِ فَيُوَجَّهُ بِأَنَّ إيقَاعَهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ يُفْهِمُ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حَيِّزِ الْوَعْدِ إلَى حَيِّزِ الِاشْتِرَاطِ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْهَا دِرْهَمًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ تِسْعَةٍ أَوْ أَنْ يَهَبَهُ مِنْهَا دِرْهَمًا فَلَا وَهَذَا أَيْ الْأَوَّلُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ فِي الْإِبْرَاءِ بِالْإِسْقَاطِ وَلَا بِالتَّمْلِيكِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْفُرُوعِ وَالْمَدَارِكِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْحَطِّ أَوْ الْإِبْرَاءِ عَلَيْهِ اشْتِرَاطٌ لِمَا فِيهِ مِنْ شَائِبَةِ عَقْدٍ قَوِيَّةٍ فَآثَرْت الْفَسَادَ كَالْهِبَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ تِسْعَةٍ كَمَا زَعَمَهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّعْبِيرِ عَنْ عَشَرَةٍ فَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَسْقُطَ مِنْهَا دِرْهَمٌ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ صَاعًا هِبَةً أَوْ بَيْعًا لَمْ يَصِحَّ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ أَقْرَضَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ عَشَرَةً، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِي ذَلِكَ إشْكَالًا وَجَوَابًا نَظَرُوا لِقِيَاسِ بُطْلَانِ الْقَرْضِ بِهَذَا الشَّرْطِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ الْآتِي أَوَاخِرَ بَابِ الْقَرْضِ. انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَبِقَوْلِي وَعَلَيْهِ فَيُوَجَّهُ بِأَنَّ إيقَاعَهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ يُفْهِمُ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حَيِّزِ الْوَعْدِ إلَى حَيِّزِ الِاشْتِرَاطِ يُعْلِمُ سِرَّ كَوْنِهِمْ جَعَلُوا قَوْلَهُ " وَأَحْصُدُهُ أَوْ وَنَحْصُدُهُ " الَّذِي هُوَ إخْبَارٌ مَحْضٌ مِثْلَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَسَّطَهُ بَيْنَ طَرَفَيْ الْعَقْدِ أَوْ الصِّفَةِ بِالظَّرْفِ الْمُتَأَخِّرِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ مُتَضَمِّنًا لِلشَّرْطِيَّةِ فَهُوَ إخْبَارٌ مُرَادٌ بِهِ الْإِنْشَاءُ بِحَسَبِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ فَآثَرَ الْفَسَادَ فَعُلِمَ اتِّضَاحُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ بِعْ وَأَشْهِدْ.
إذْ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الِاشْتِرَاطِ لِمَا مَرَّ فِيهِ مُوَضَّحًا إذْ هُوَ مُجَرَّدُ أَمْرٍ بِشَيْئَيْنِ امْتَثَلَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَتَحْرِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّهْنِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِقَصْدِهِ وَلَا لِتَلَفُّظِهِ بِهِ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الشَّرْطِ كَأَذِنْتُ لَك فِي بَيْعِهِ لِتَعَجُّلٍ وَأَطْلَقَ فَيَصِحُّ الْإِذْنُ وَالْبَيْعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ الِاشْتِرَاطَ عَلَى مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيّ وَرَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ نَكَحَ بِشَرْطِ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ يَبْطُلُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَنَوَاهُ صَحَّ ذِكْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ مُجَرَّد نِيَّةٍ وَاَلَّذِي فِي ذَاكَ لَفْظٌ مَعَ نِيَّةٍ وَهُوَ أَقْوَى، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَيْ: بَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ مِنْ أَنَّ " عَلَى أَنْ تَجْعَلَ " كَالشَّرْطِ بِخِلَافِ وَتَجْعَل انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُور وَبِقَوْلِي فِيهَا وَيَتَّجِهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا إلَخْ يُعْلَمُ أَنَّ مَلْحَظَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّهْنِ هُوَ مَلْحَظُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ فَلَا يَشْكُلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي صُوَرِ شَرْطِ الْبَيْعِ الْمُفْسِدِ وَبِمَا قَرَّرْته فِيهَا عَنْ السُّبْكِيّ وَالزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي نِيَّةِ الشَّرْطِ.
وَأَمَّا لَفْظُهُ فَمُبْطِلٌ بِلَا خِلَافٍ يُعْلَمُ انْدِفَاع قَوْلِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ بَلْ بَيَّنُوا ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ وَتَحْرِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَفَالَةِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفَسَدَتْ الْكَفَالَةُ إنْ شَرَطَ فِي عَقْدِهَا الْغُرْم عِنْدَ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِإِنْ قَالَ كَفَلْت بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا وَفَسَدَ أَيْضًا الْتِزَامُ الْمَالِ لِأَنَّهُ صَيَّرَ الضَّمَانَ مُعَلَّقًا أَمَّا كَفَلْت بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيَّ الْمَالُ فَإِنَّ الَّذِي يَفْسُدُ الْتِزَامُ الْمَالِ فَقَطْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ أَمَّا إذَا أَرَادَ فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيَصْدُقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ثُمَّ قُلْت: فِيهِ لَا بِصِيغَةِ وَعْدٍ كَقَوْلِهِ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ أَوْ الْمَالَ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ وَلِأَنَّ الْوَعْدَ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ نَعَمْ إنَّ صَحِبَهُ قَرِينَةُ الْتِزَامٍ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيّ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرِهِ

الصفحة 274