كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشاطبي فقد حصر الْأَمر فِي شَيْئَيْنِ الْوَحْي وَهُوَ الشَّرِيعَة والهوى وَلَا ثَالِث لَهما وَإِذ ذَاك فهما متضادان
الثَّانِي وَهُوَ من لَوَازِم ذَلِك كَونه أصل كل شَيْء وَقع فِي الْوُجُود
قَالَ الْغَزالِيّ إِذا نظرت وجدت أصل كل فتْنَة وفضيحة وذنب وَآفَة وَقعت فِي خلق الله تَعَالَى من أول الْخلق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من قبيل هوى النَّفس مُسْتَقلَّة أَو مُعينَة
الِاعْتِبَار الثَّانِي مَا يشْهد بذلك بِحَسب السُّلْطَان وَيَكْفِي من ذَلِك أَيْضا أَمْرَانِ
أَحدهمَا أَن الْقَصْد بالسلطان كَمَا تقدم حفظ مصَالح الِاجْتِمَاع الْمدنِي لنَوْع الْإِنْسَان وَقد علم بالتجربة أَنه لَا يحصل مَعَ الاسترسال فِي اتِّبَاع الْهوى لما ينشأ عَنهُ من التضاد الْعَائِد على الْوُجُود بِفساد النظام قَالَ تَعَالَى {وَلَو اتبع الْحق أهواءهم لفسدت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ}
الثَّانِي أَن الْعقُوبَة عَلَيْهِ متوعد بهَا عَاجلا أَو آجلا قَالَ تَعَالَى {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله إِن الَّذين يضلون عَن سَبِيل الله لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب} فالإضلال عَن سَبِيل الله عُقُوبَة عاجلة وَالْعَذَاب الشَّديد عُقُوبَة آجلة
الصفحة 10
538