كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)

فَسدتْ الرّعية إِلَّا بِفساد الْمُلُوك وَلَا فَسدتْ الْمُلُوك إِلَّا بِفساد الْعلمَاء
الْمُقدمَة الْعَاشِرَة
الْقَصْد فِي المخالطة وَالْعُزْلَة هُوَ الْمَحْمُود فِي الْجُمْلَة وَفِيه عِبَارَات تحوم على لُزُوم التَّوَسُّط بِهِ بَين طرفِي افراط ذَلِك وتفريطه
أَحدهمَا قَول اكثم بن صَيْفِي الانقباض عَن النَّاس مكسبة للعداوة ومعرفتهم مكسبة لقرين السوء فَكُن للنَّاس بَين المنقبض والمقارب فَإِن خِيَار الْأُمُور اوسطها
الثَّانِيَة قَول وهب بن مُنَبّه لَو هيب بن الْورْد وَقد قَالَ لَهُ أَنِّي أُرِيد أَن اعتزل النَّاس فَقَالَ لَهُ لَا بُد لَك من النَّاس وَلَا بُد للنَّاس مِنْك لَك اليهم حوائج وَلَهُم اليك حوائج وَلَكِن كن فيهم اصم سميعا اعمى بَصيرًا سكُوتًا ونطوقا
الثَّالِثَة قَول ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ خالط النَّاس وزايلهم وَدينك لَا تكلمنه
قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك
قَالَ وَلَيْسَ هَذَا من بَاب النِّفَاق بل من بَاب المدارات وَهِي صَدَقَة كَمَا فِي الحَدِيث

الصفحة 454