كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)

الثَّانِي وَهُوَ سَبَب عَن ذَلِك حكمهم عَلَيْهِ بِمَا كَانَ فِي غنى عَنهُ ومستورا فِيمَا ينطوي عَلَيْهِ جنانه
قلت وَاقْتصر هُنَا على ملك هَذِه الحاسة دون اخواتها لَان غَرَض هَذِه السياسة إِنَّمَا هُوَ اصلاح الظَّاهِر فَقَط ومدركات بَاقِي الْحَواس لَا يكون بِحَضْرَة النَّاس فَلَا جرم لم تقع بِهِ عناية فِي الْموضع
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة
فِي صُورَة الانسان بَاطِنا وظاهرا وَالْمرَاد بذلك رِعَايَة امور
أَحدهَا ملك قواه النفسانية فالغضبية عَن الحدة والحرج وَالْكبر وَجب الاستعلاء وَظُهُور الْحَسَد والعداوة والمضرة وَشبه ذَلِك والشهوانية عَن السَّبق والاستهتار واطلاق الْحَواس فِي الملاذ وترديد خسائس الشَّهَوَات على اللِّسَان وَنَحْو ذَلِك
الثَّانِي تَحْسِين مُعَامَلَته بِالْعَدْلِ والانصاف وَترك اسْتِعْمَال الْخبث وفرط الدهاء إِلَّا لحَاجَة وَاجْتنَاب الْكَذِب والمرآء والجدال والمزاح المفرط وَنَحْو ذَلِك
الثَّالِث ضبط حركاته عَمَّا يشين كالاشارة بِالْيَدِ أَو الرَّأْس أَو غير ذَلِك عِنْد الْكَلَام والعبث بنتف اللِّحْيَة وفتلها وتنقية الانف وَقتل مَا يخرج مِنْهُ بَين الاصابع وَشبه ذَلِك
الرَّابِع توسطه فِي احوال نَفسه وبدنه بَين طرفِي الافراط والتفريط باتيان الاقتصاد والميل إِلَى التستر وكتم سره والترسل فِي الْكَلَام باعتدال وَاجْتنَاب الحشو فِيهِ كسمعت وَنَحْو ذَلِك من الْكَلِمَات الْمعينَة والهذي فِي الحركات وَالْوَقار والتؤدة واتقاء مَوَاضِع الريب وتقليل الْكَلَام وَتَقْدِيره فِي كل

الصفحة 460