كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة
فِي المعارف وهم صنفان
أَحدهمَا المطبوع على غائلة الشَّرّ وخبث النَّفس وفسادها وعلاجه مداراته بِالسَّلَامِ والبعد من خلطته ومعاملته بالوقار والسكون مَتى تسور عَلَيْهَا حَتَّى يثقل عَلَيْهِ وَالثنَاء عَلَيْهِ بالجميل والتحيل فِي عدم لِقَائِه حَتَّى ينساك ويشتغل بغيرك
الثَّانِي سَائِر من لَا يَنْتَهِي إِلَى ذَلِك ومعاملتهم بِالسَّلَامِ عَلَيْهِم وَالسُّؤَال عَن حَالهم والبشاشة عِنْد اللِّقَاء وَترك الانبساط وَالْكَلَام مَعَهم وتقليل خلطهم إِلَّا بعد التجربة الطَّوِيلَة أحد الْمَقَاصِد الْمُتَقَدّمَة
تَكْمِلَة بَيَان ذكر الْغَزالِيّ فِي تَقْرِير هَذَا الْبَاب جملتين لكثير من آدَاب الْمَعيشَة والمعاشرة نذكرها تَمامًا لهَذَا الْغَرَض
الْجُمْلَة الأولى قَالَ وَهِي الجامعة أَن لَا تصغر مِنْهُم احدا حَيا أَو مَيتا فتهلك إِذْ لَا تَدْرِي لَعَلَّه خير مِنْك للختم لَهُ بالصلاح وان كَانَ فَاسِقًا وَلَا تنظر إِلَيْهِم بالتعظيم لَهُم فِي حَال دنياهم فَإِن الدُّنْيَا صَغِيرَة عِنْد الله تَعَالَى صَغِير مَا فِيهَا وَمهما عظم أهل الدُّنْيَا فِي نَفسك فقد عظمت الدُّنْيَا فَتسقط عِنْد الله تَعَالَى وَلَا تبذل لَهُم دينك لتنال من دنياهم فتصغر فِي اعينهم ثمَّ تحرم دنياهم فَإِن لم تحرم كنت قد استبدلت الَّذِي هُوَ ادنى بِالَّذِي هُوَ خير وَلَا تعاديهم

الصفحة 466