كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)

بِحَيْثُ تظهر العداولة فَيطول الْأَمر عَلَيْك فِي المعاداة وَيذْهب دينك ودنياك فيهم وَيذْهب دينهم فِيك إِلَّا إِذا رَأَيْت مُنْكرا فِي الدّين فتعادي افعالهم القبيحة وَتنظر إِلَيْهِم بِعَين الرَّحْمَة لتعرضهم لمقت الله تَعَالَى وعقوبته بعصيانهم فحسبهم جَهَنَّم يصلونها فَإنَّك تحقد عَلَيْهِم وَلَا تستكن إِلَيْهِم فِي مودته لَك وثنائهم عَلَيْك فِي وَجهك وَحسن بشرهم لَك فَإنَّك أَن طلبت حَقِيقَة ذَلِك لم تَجِد فِي الْمِائَة إِلَّا وماحدا وَرُبمَا لم تَجدهُ وَلَا تشك إِلَيْهِم احوالك فيكللك الله إِلَيْهِم وَلَا تطمع أَن يَكُونُوا لَك فِي الْغَيْب والسر كَمَا فِي الْعَلَانِيَة فَذَلِك طمع كَاذِب وأنى تظفر بِهِ وَلَا تطمع بِمَا فِي ايديهم فتستعجل الذل وَلَا تنَال الْغَرَض وَلَا تعل عَلَيْهِم تكبرا لاستغنائك عَنْهُم فَإِن الله تَعَالَى يلجئك إِلَيْهِم عُقُوبَة على التكبر بِإِظْهَار الِاسْتِغْنَاء وَإِذا سَأَلت اخاص مِنْهُم حَاجَة فقضاها فَهُوَ أَخ مُسْتَفَاد فَإِن لم يقضها فَلَا تعاتبه فَيصير عدوا تطول عَلَيْك مقاساته وَلَا تشتغل بوعظ من لَا ترى فِيهِ مخائل الْقبُول فَلَا يسمع مِنْك ويعاديك وَليكن وعظك عرضا وارسالا من غير تنصيص على الشَّخْص وَمهما رَأَيْت مِنْهُم كَرَامَة فاشكر الله تَعَالَى الَّذِي سخرهم لَك واستعذ بِاللَّه أَن يكلك إِلَيْهِم وان بلغك مِنْهُم غيبَة وَرَأَيْت مِنْهُم شرا أَو اصابك مِنْهُم مَا يسوءك فَكل أَمرهم إِلَى الله تَعَالَى واستعذ بِاللَّه من شرهم وَلَا تشغل نَفسك بالمكافأة فيزيد الضَّرَر بِعَمَلِهِ ويضيع الْعُمر بشغله وَلَا تقل لَهُم لم تعرفوا حَقي أَو موضعي
واعتقد انك لَو استحققت ذَلِك لجعل الله تَعَالَى لَك موضعا فِي قروبهم فَالله تَعَالَى هُوَ المحبب والمبغض إِلَى الْقُلُوب وَكن فيهم سميعا لحقهم اصم عَن باطلهم نطوقا بحقهم صموتا عَن باطلهم وَاحْذَرْ صُحْبَة اكثر النَّاس فَإِنَّهُم لَا يقيلون عَثْرَة وَلَا يغفرون زلَّة وَلَا يسترون عَورَة ويحاسبون على

الصفحة 467