كتاب بدائع السلك في طبائع الملك (اسم الجزء: 2)

قَالَ فَسَأَلته عَن مخرجه كَيفَ كَانَ يصنع فِيهِ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخزن لِسَانه إِلَّا فِيمَا يعنيه ويؤلفهم وَلَا ينفرهُمْ ويكمر كل كريم قوم ويوليه عَلَيْهِم ويحذر النَّاس ويحترس مِنْهُم من غير أَن يطوي عَن أحد مِنْهُم بشره وَلَا خلقه ويتفقد اصحابه ويسألأ النَّاس عَمَّا فِي النَّاس وَيحسن الْحسن ويقويه ويقبح الْقَبِيح ويوهيه معتدل الْأَمر غير مُخْتَلف لَا يغْفل مَخَافَة أَن يغفلا أَو يميلوا لكل حَال عِنْده عتاد لَا يقصر عَن الْحق وَلَا يجوزه الَّذين يلونه من النَّاس خيارهم افضلهم عِنْده اعمهم نصيحة واعظمهم عِنْده منزلَة احسنهم مواساة ومومازرة
قَالَ فَسَأَلته عَن مَجْلِسه فَقَالَ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقوم وَلَا يجلس إِلَّا على ذكر وَلَا يوطن الاماكن وَينْهى عَن اياطنها وَإِذا انْتهى إِلَى قوم جلس حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمجْلس وَيَأْمُر بذلك وَيُعْطِي كل جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ لَا يحْسب جليسه أَن احدا اكرم عَلَيْهِ مِنْهُ من جالسه أَو فاوضه فِي حَاجَة صابرة حَتَّى يكون هُوَ المنصرف عَنهُ وَمن سَأَلَهُ حَاجَة لم يردهُ إِلَّا بهَا أَو بميسور من القَوْل قد وسع النَّاس مِنْهُ بَسطه وخلقه فَصَارَ لَهُم ابا وصاروا عِنْده فِي الْحق سَوَاء مَجْلِسه

الصفحة 479