كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

الْحَدِيثَ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِهِ فِي الِاتِّخَاذِ، وَأَمَّا الْمُنْتَفَعُ بِهِ حِرَاسَةً أَوِ اصْطِيَادًا فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرُ الْبَغِيِّ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ أَوْ كَسْرٍ فَتَشْدِيدِ يَاءٍ: الزَّانِيَةُ فَقِيلَ: يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَمَهْرُهَا مَا تُعْطَى عَلَى الزِّنَا قَوْلُهُ: (وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرُ حَلَوْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ، وَالْمُرَادُ مَا يُعْطَى الْكَاهِنُ عَلَى أَنَّهُ يَتَكَهَّنُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَأَصْلُهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ شَبَّهَ مَا يُعْطَى الْكَاهِنُ بِشَيْءٍ حُلْوٍ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ سَهْلًا دُونَ كُلْفَةٍ، يُقَالُ: حَلَوْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَطْعَمْتُهُ الْحُلْوَ، وَيُقَالُ: لِلرِّشْوَةِ الْحُلْوَاتُ.
2160 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (وَعَسْبِ الْفَحْلِ) عَسْبُهُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَاؤُهُ فَرَسًا كَانَ أَوْ بَعِيرًا أَوْ غَيْرُهُمَا ضِرَابُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ عَنْ كِرَاءٍ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِعَارَتَهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَفِي الْمَنْعِ عَنْ إِعَارَتِهِ قَطْعُ النَّسْلِ فَهُوَ بِحَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: كِرَاءُ عَسْبِهِ وَقِيلَ: يُقَالُ لِكِرَائِهِ: عَسْبٌ أَيْضًا.
2161 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ) قِيلَ: يُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَفِي إِسْنَادِ الْمُصَنِّفِ ابْنُ لَهِيعَةَ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ دُونَ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَا بِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَعَلَّ مُسْلِمًا إِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ وَكِيعًا رَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ جَابِرٌ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: أَرَى أَبَا سُفْيَانَ ذَكَرَهُ، فَالْأَعْمَشُ شَكَّ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ، فَصَارَ رِوَايَةُ أَبِي سُفْيَانَ بِذَلِكَ ضَعِيفَةً. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ» . فَكَانَ مُرَادُ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ لَمْ يُخَرِّجْهُ بِرِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْهِرِّ إِذَا تَوَحَّشَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَزَعَمَ بَعْضٌ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ ابْتِدَاءَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ مَحْكُومًا بِنَجَاسَتِهِ، ثُمَّ حِينَ صَارَ مَحْكُومًا بِطَهَارَةِ سُؤْرِهِ حَلَّ ثَمَنُهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِثَمَنِ السِّنَّوْرِ، وَقَالَ: إِذَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الصفحة 10