كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

[كِتَاب التِّجَارَاتِ] [بَاب الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب التِّجَارَاتِ بَاب الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ
2137 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ. . . إِلَخْ) الطَّيِّبُ الْحَلَالُ، فَالتَّفْصِيلُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى بُعْدِهِ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَمَظَانِّهَا، وَالْكَسْبُ: السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ الْوَرِقِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ الْمَكْسُوبُ الْحَاصِلُ بِالطَّلَبِ وَالْجِدِّ فِي تَحْصِيلِهِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (وَوَلَدُ الْإِنْسَانِ مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ: مِنَ الْمَكْسُوبِ الْحَاصِلِ بِالْجِدِّ وَالطَّلَبِ وَمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ، وَمَالُ الْوَلَدِ مِنْ كَسْبِ الْوَلَدِ فَصَارَ مِنْ كَسْبِ الْإِنْسَانِ بِوَاسِطَةٍ، فَجَازَ لَهُ أَكْلُهُ، وَالْفُقَهَاءُ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا احْتَاجَ إِلَى مَالِ الْوَلَدِ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
2138 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَسَبَ الرَّجُلُ كَسْبًا أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فَهُوَ صَدَقَةٌ) أَيْ: إِذَا كَانَ بِنِيَّةِ خَيْرٍ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
2139 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (التَّاجِرُ الْأَمِينُ. . . إِلَخْ) أَيْ: إِذَا قَصَدَ بِتِجَارَتِهِ الْخَيْرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَاحَ يَصِيرُ بِحُسْنِ النِّيَّةِ عِبَادَةً فَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْأَجْرَ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ مَعَ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرِيُّ ضَعِيفٌ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
2140 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيْلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَالَّذِي يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ) أَيِ: الَّذِي يَسْعَى وَيَجِدُّ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ لِيُنْفِقَهُ عَلَى الْأَرْمَلَةِ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، وَالذَّكَرُ الْأَرْمَلُ قَوْلُهُ: (يَقُومُ اللَّيْلَ) أَيْ: كُلَّهُ أَوْ آخِرَهُ كَمَا هُوَ فِي الْمُتَعَارَفِ (وَيَصُومُ النَّهَارَ) أَيْ: عَلَى الدَّوَامِ أَوْ غَالِبًا لِمَا جَاءَ فِي صَوْمِ الْأَبَدِ، مِثْلَ: لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ.
2141 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ «كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا نَرَاكَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ فَقَالَ أَجَلْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى فَقَالَ لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى وَطِيبُ النَّفْسِ مِنْ النَّعِيمِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَفَاضَ الْقَوْمُ) أَيْ: وَقَعُوا فِي ذِكْرِ الْغِنَى - فِي الصِّحَاحِ: مَقْصُورٌ الْيَسَارُ -. قَوْلُهُ: (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي " نَوَادِرِ الْأُصُولِ ": الْغِنَى بِغَيْرِ تَقْوَى هَلَكَةٌ يَجْمَعُهُ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ، وَيَضَعُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ مَعَ صَاحِبِهِ تَقْوَى ذَهَبَ الْبَأْسُ وَجَاءَ الْخَيْرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى) فَإِنَّ صِحَّةَ الْجَسَدِ تُعِينُ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَالصِّحَّةُ مَالٌ مَمْدُودٌ، وَالسَّقَمُ عَجْزٌ حَاجِزٌ لِعُمْرِ الَّذِي أُعْطِيهِ، يَمْنَعُهُ الْعِبَادَةَ، وَالصِّحَّةُ مَعَ الْعُمْرِ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى مَعَ الْعَجْزِ، وَالْعَاجِزُ كَالْمَيِّتِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَطِيبِ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ) ؛ فَلِأَنَّهُ مِنْ رُوحِ الْيَقِينِ عَلَى الْقَلْبِ وَهُوَ النُّورُ الْوَارِدُ الَّذِي قَدْ أَشْرَقَ الصُّوَرَ فَأَرَاحَ الْقَلْبَ وَالنَّفْسَ مِنَ الظُّلْمَةِ وَالضِّيقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَاب الِاقْتِصَادِ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ]
2142 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ) أَجْمَلَ فِي الطَّلَبِ إِذَا اعْتَدَلَ وَلَمْ يُفْرِطْ (مُيَسَّرٌ) أَيْ: مُهَيَّأٌ (لِمَا خُلِقَ لَهُ) أَيْ:

الصفحة 2