كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

سُهُولَتُهُمَا عَلَى اللِّسَانِ لِقِلَّةِ حُرُوفِهِمَا وَحُسْنِ نَظْمِهِمَا وَاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الِاسْمِ الْجَلِيلِ الَّذِي يُذْعِنُ الطِّبَاعَ فِي ذِكْرِهِ كَأَنَّهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْحِمْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَسْهُلُ حَمْلُهُ وَثِقَلُهُمَا فِي الْمِيزَانِ لِعِظَمِ لَفْظِهِمَا قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَمَعْنَى حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا مَوْصُوفَتَانِ بِكَثْرَةِ الْمَحْبُوبِيَّةِ عِنْدَهُ تَعَالَى تُفِيدُهُ الْأَحَادِيثُ الْأُخَرُ مِثْلَ «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ،» وَإِلَّا جَمِيعُ الذِّكْرِ مَحْبُوبٌ عِنْدَهُ تَعَالَى، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: كَلِمَتَانِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ. . . إِلَخْ قُدِّمَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِتَشْوِيقِ السَّامِعِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلِمَتَانِ نَكِرَةٌ وَسُبْحَانَ اللَّهِ. . . إِلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ أُرِيدَ بِهِ نَفْسُهُ وَاللَّفْظُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعْرِفَةً حَقِيقَةً عِنْدَ مَنْ قَالَ بِوَضْعِ الْأَلْفَاظِ لَا نَفْسِهَا وَحُكْمِهَا عِنْدَ مَنْ يَنْفِيهِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَكُونُ خَبَرَ النَّكِرَةِ عِنْدَ غَالِبِ النُّحَاةِ وَمَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ تَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ الْعَلِيِّ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: أُسَبِّحُ اللَّهَ تَسْبِيحًا وَالْوَاوُ فِي وَبِحَمْدِهِ لِلْحَالِ بِتَقْدِيرِ وَأَنَا مُلْتَبِسٌ بِحَمْدِهِ، وَقِيلَ: لِلْعَطْفِ، أَيْ: أُنَزِّهُهُ وَأَتَلَبَّسُ بِحَمْدِهِ، وَقِيلَ: زَائِدَةٌ، أَيْ: أُسَبِّحُهُ مُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ.
3807 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا الَّذِي تَغْرِسُ قُلْتُ غِرَاسًا لِي قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَغْرِسُ) كَضَرَبَ (غِرَاسًا) بِكَسْرِ الْأَوَّلِ مَا يُغْرَسِ مِنَ الشَّجَرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَسَنٌ، وَأَبُو سُفْيَانَ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ أَبُو سُفْيَانَ الْحَنَفِيُّ السُّلَمِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
3808 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي رِشْدِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ «مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ فَرَجَعَ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ قَالَ انْتَصَفَ وَهِيَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَقَدْ قُلْتُ مُنْذُ قُمْتُ عَنْكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهِيَ أَكْثَرُ وَأَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا قُلْتِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ) وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: بِعَدَدِ جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ وَبِمِقْدَارِ رِضَا ذَاتِهِ الشَّرِيفَةِ، أَيْ: بِمِقْدَارٍ يَكُونُ سَبَبًا لِرِضَاهُ تَعَالَى وَفِيهِ إِطْلَاقُ النَّفْسِ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ مُشَاكَلَةٍ وَبِمِقْدَارِ ثِقَلِ عَرْشِهِ وَبِمِقْدَارِ زِيَادَةِ كَلِمَاتِهِ، أَيْ: بِمِقْدَارٍ يُسَاوِيهِمَا، وَقِيلَ: نَصْبُهُمَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ " قَدْرَ "، أَيْ: قَدْرَ عَدَدِ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْرَ رِضَا

الصفحة 423