كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

ذَاتِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَصِحُّ تَقْيِيدُ التَّسْبِيحِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ التَّسْبِيحَ هُوَ التَّنْزِيهُ عَنْ جَمِيعِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ الْأَقْدَسِ وَهُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ التَّعَدُّدَ وَبِاعْتِبَارِ صُدُورِهِ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارَ هَذَا الْعَدَدِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ فُرِضَ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ أَيْضًا لَمَا صَحَّ تَعَلُّقُ هَذَا الْعَدَدِ بِالتَّسْبِيحِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ صَدَرَ مِنْهُ بِهَذَا الْعَدَدِ، أَوْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا بِمُجَرَّدِ ذَاتِهِ فَإِنَّهُ مَرَّةً سُبْحَانَ اللَّهِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ هَذَا الْعَدَدُ فَكَيْفَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا الْعَدَدَ. قُلْتُ: لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِمُلَاحَظَةِ اسْتِحْقَاقِ ذَاتِهِ الْأَقْدَسِ الْأَظْهَرِ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ التَّسْبِيحَ بِهَذَا الْعَدَدِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَدَ ثَابِتٌ لِقَوْلِ الْمُتَكَلِّمِ، لَكِنْ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ تَحَقَّقَ مِنْهُ التَّسْبِيحُ بِهَذَا الْعَدَدِ، بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَعَالَى حَقِيقٌ بِأَنْ يَقُولَ الْمُتَكَلِّمُ التَّسْبِيحَ فِي حَقِّهِ بِهَذَا الْعَدَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
3809 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الطَّحَّانِ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَخِيهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لَا يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُ نَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ) بِالنَّصْبِ اسْمُ إِنَّ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمِنْ جَلَالِ اللَّهِ بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ الْمَجْرُورِ وَجُمْلَةُ يَنْعَطِفْنَ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ حَالِ التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَشْكِيلِ الْأَعْمَالِ وَالْمَعَانِي بِأَشْكَالٍ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ (لَهُنَّ دَوِيٌّ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنَ الصَّوْتِ وَيُسْمَعُ عِنْدَ شِدَّتِهِ وَبُعْدِهِ فِي الْهَوَاءِ شَبِيهًا بِصَوْتِ النَّحْلِ (تُذَكِّرُ) مِنَ التَّذْكِيرِ (مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ) التَّعْبِيرُ بِمَنْ مَوْضِعَ مَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُذَكِّرَ عَادَةٌ يَكُونُ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخُو عَوْنٍ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ.
3810 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ «أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ فَإِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ وَبَدُنْتُ فَقَالَ كَبِّرِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَسَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ مُلْجَمٍ مُسْرَجٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ بَدَنَةٍ وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ رَقَبَةٍ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (قَدْ كَبِرْتُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَيْ: صِرْتُ كَبِيرَ السِّنِّ (وَبَدُنْتُ)

الصفحة 424