كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

وَقِيلَ: بَكَّاءٌ، وَقِيلَ: كَثِيرُ الدُّعَاءِ (مُنِيبًا) مِنَ الْإِنَابَةِ وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ (حَوْبَتِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتُضَمُّ، أَيْ: خَطِيئَتِي (وَاسْلُلْ) أَيِ: انْزَعْ (سَخِيمَةَ قَلْبِي) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ الْحِقْدُ.
3831 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ لَهَا مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيكِ فَرَجَعَتْ فَأَتَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي سَأَلْتِ أَحَبُّ إِلَيْكِ أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ قُولِي لَا بَلْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَتْ فَقَالَ قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ) مِنَ الْإِنْزَالِ وَالتَّنْزِيلِ (فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ) أَيْ: فَلَيْسَ وُجُودُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكَ لِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ قَبْلَكَ كَوُجُودِ غَيْرِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَصْرَ الْأَوَّلِيَّةِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَأَنْتَ الْآخِرُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِ نَاطِقَةٍ وَصَامِتَةٍ (بَعْدَكَ شَيْءٌ) لِعَدَمِ الْبَعْدِيَّةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (وَأَنْتَ الظَّاهِرُ) أَيْ: فَلَا ظُهُورَ لِشَيْءٍ وَلَا وُجُودَ إِلَّا مِنْ آثَارِ ظُهُورِكَ وَوُجُودِكَ (فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ) يَكُونُ أَعْلَى مِنْكَ ظُهُورًا، وَقِيلَ: الظَّاهِرُ هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي عُرِفَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِهِ (وَأَنْتَ الْبَاطِنُ) بِعَظَمَةِ جَلَالِكَ وَكَمَالِ كِبْرِيَائِكَ حَتَّى لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِدْرَاكِ ذَاتِكَ مَعَ كَمَالِ ظُهُورِكَ (فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ) أَيْ: وَرَاءَكَ شَيْءٌ يَكُونُ أَبَطْنَ مِنْكَ وَقِيلَ: الْبَاطِنُ هُوَ الْمُحْتَجِبُ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلَائِقِ وَأَوْهَامِهِمْ فَلَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَهْمٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَالِمُ بِمَا بَطَنَ يُقَالُ بَطَنْتُ الْأَمْرَ إِذَا عَرَفْتُ بَاطِنَهُ.
3832 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (وَالْعَفَافَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْكَفُّ عَنِ الْمَعَاصِي وَعَمَّا لَا يَنْبَغِي (وَالْغِنَى) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ الْيَسَارُ، وَالْمُرَادُ غِنَى الْقَلْبِ لَا غِنَى الْيَدِ.

الصفحة 430