كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

[باب السَّوَادِ الْأَعْظَمِ]
3950 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ) أَيِ: الْكُفْرِ، أَوِ الْفِسْقِ، أَوِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا قَبْلَ مَجِيءِ الرِّيحِ قَوْلُهُ: (بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّ اتِّفَاقَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجْمَاعِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِيرِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، أَيْ: جَمَاعَةُ النَّاسِ وَمُعْظَمُهُمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى سُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى وَاسْمُهُ حَازِمُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِطُرُقٍ فِي كُلِّهَا نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْبَيْضَاوِيِّ.
[باب مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ]
3951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا صَلَاةً فَأَطَالَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَّلَاةَ قَالَ إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِأُمَّتِي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ) أَيْ: صَلَاةً دَعَوْتُ فِيهَا رَاغِبًا فِي الْإِجَابَةِ رَاهِبًا عَنْ رَدِّهَا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، أَيْ: مِنْ فِرَقِ الْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَسْتَأْصِلُهُمْ (غَرَقًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: بِأَنْ يَعُمَّهُمُ الْغَرَقُ (وَأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ) أَيْ: مُحَارَبَتَهُمْ (فَرَدَّهَا عَلَيَّ) وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ بِإِعْطَاءِ عَيْنِ الْمَدْعُوِّ لَهُ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً، بَلْ قَدْ تَتَخَلَّفُ مَعَ تَحَقُّقِ شَرَائِطِ الدُّعَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
3952 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَصْفَرَ أَوْ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَقِيلَ لِي إِنَّ مُلْكَكَ إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثًا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ عَامَّةً وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَإِنَّهُ قِيلَ لِي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَإِنِّي لَنْ أُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِكَ جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ فِيهِ وَلَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يُفْنِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي فَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ مِمَّا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ وَسَتَعْبُدُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ وَسَتَلْحَقُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَا أَهْوَلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (زُوِيَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ زُوِيَ كَرْمِي، أَيْ: جُمِعَتْ وَضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْإِدْرَاكُ فَيَكُونُ مَجَازًا فَإِنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَ جَمِيعَهَا صَارَ كَأَنَّهُ جُمِعَتْ

الصفحة 464