كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

[باب التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ]
3957 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ فَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالُوا كَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَالَ تَأْخُذُونَ بِمَا تَعْرِفُونَ وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَوَامِّكُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يُذْهِبُ خِيَارَهُمْ وَيُبْقِي شِرَارَهُمْ وَأَرَاذِلَهُمْ (حُثَالَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمُرَادُ أَرَاذِلُهُمْ (قَدْ مَرِجَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، أَيِ: اخْتَلَفَتْ وَفَسَدَتْ (عَلَى خَاصَّتِكُمْ) أَيْ: عَلَى مَنْ يَخْتَصُّ بِكُمْ مِنَ الْأَهْلِ وَالْخَدَمِ، أَوْ عَلَى إِصْلَاحِ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِأَنْفُسِكُمْ.
3958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ يَعْنِي الْقَبْرَ قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ تَصَبَّرْ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْلًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا آخُذُ بِسَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا وَلَكِنْ ادْخُلْ بَيْتَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ دُخِلَ بَيْتِي قَالَ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ) أَيْ: بِالْمَدِينَةِ لَا الْحُمَّى كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (حَتَّى يَقُومَ) مِنَ التَّقْوِيمِ (بِالْوَصِيفِ) أَيْ: بِالْعَبْدِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْقَبْرُ، أَيْ: يُبَاعُ مَوْضِعُ الْقَبْرِ بِعَبْدٍ وَصِيفٍ عَنِ ارْتِفَاعِ مَوَاضِعِ الْقُبُورِ مِنَ الْأَمْوَاتِ، أَوْ لِيَبْلُغَ أُجْرَةَ الْحَفَّارِ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَقِلَّةِ الْحَفَّارِينَ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالْمَعِيشَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْمُتَعَارَفُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَقِلَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا فَيُبَاعُ الْبَيْتُ بِعَبْدٍ مَعَ أَنَّ الْبَيْتَ عَادَةً يَكُونُ أَكْثَرَ قِيمَةً (بِالْعِفَّةِ) أَيْ: لِكَفِّ النَّاسِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ (حَتَّى تُغْرَقَ) مِنْ غَرِقَ فِي الْمَاءِ كَسَمِعَ (حِجَارَةُ الزَّيْتِ) مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّةِ سُمِّيَ بِهَا لِسَوَادِ الْحِجَارَةِ كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ، أَيِ: الدَّمُ يَعْلُو حِجَارَةَ الزَّيْتِ وَيَسْتُرُهَا لِكَثْرَةِ الْقَتْلَى، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ زَمَنَ يَزِيدَ (بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) أَيْ: بِأَهْلِكَ وَعَشِيرَتِكَ الَّذِي خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ، أَيِ: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ (فَإِذَا دُخِلَ)

الصفحة 468