كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

غَيْرُ قَاصِدٍ لَهُ فَيَصِحُّ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[باب الْعُزْلَةِ]
3977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ بَعَجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ إِلَيْهَا يَبْتَغِي الْمَوْتَ أَوْ الْقَتْلَ مَظَانَّهُ وَرَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَافِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ) الْمَعَايِشُ جَمْعُ مَعِيشَةٍ بِمَعْنَى الْحَيَاةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْحَيَاةَ الَّتِي هِيَ خَيْرُ النَّاسِ هِيَ الْحَيَاةُ (هَذَا الرَّجُلُ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ) أَيْ مُلَازِمٌ لَهُ كَثِيرُ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ لِلْحَرْبِ وَالْجِهَادِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الدَّوَامُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ النُّزُولِ (يَطِيرُ) أَيْ: يَجْرِي (هَيْعَةً) أَيْ: صَوْتًا يُفْزَعُ مِنْهُ (فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ) بِفَتْحَتَيْنِ: رَأْسُ الْجَبَلِ.
3978 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الزَّبِيدِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ رَجُلٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ امْرُؤٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فِي شِعْبٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَالشِّعَابُ بِالْكَسْرِ، أَيْ: فِي وَادٍ مِنَ الْأَوْدِيَةِ يُرِيدُ الْعُزْلَةَ عَنِ الْخَلْقِ (وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُزْلَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْعُزْلَةِ إِلَى تَرْكِ النَّاسِ عَنْ شَرِّهِ لَا إِلَى خَلَاصِهِ مِنْ شَرِّهِمْ فَفِي الْأَوَّلِ تَحْقِيرُ النَّفْسِ، وَفِي الثَّانِي تَحْقِيرُهُمْ.
3979 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مِنْ جِلْدَتِنَا) أَيْ: مِنْ أَنْفُسِنَا وَعَشِيرَتِنَا بِكَسْرِ الْجِيمِ (وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ. . . إِلَخْ) أَيِ: اعْتَزِلِ النَّاسَ وَاصْبِرْ عَلَى الْمَكَارِهِ وَالْمَشَاقِّ وَاخْرُجْ مِنْهُمْ إِلَى

الصفحة 475