كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

بِالِابْتِدَاءِ (غَرِيبًا) أَيْ: لِقِلَّةِ أَهْلِهِ وَأَصْلُ الْغَرِيبِ الْبَعِيدُ مِنَ الْوَطَنِ (وَسَيَعُودُ غَرِيبًا) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ كَثِيرًا (لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ وَطُوبَى فُعْلَى مِنَ الطِّيبِ وَتُفَسَّرُ بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامَ بِأَمْرِهِ يَصِيرُ مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّبِ عَنِ الْأَوْطَانِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَشَاقِّ الْغُرْبَةِ كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.
3987 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) فِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَنَسٍ حَسَنٌ وَسِنَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِي اسْمِهِ.
3988 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قَالَ قِيلَ وَمَنْ الْغُرَبَاءُ قَالَ النُّزَّاعُ مِنْ الْقَبَائِلِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (قَالَ النُّزَّاعُ) ضُبِطَ بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ، قِيلَ: هُوَ جَمْعُ نَزِيعٍ وَنَازِعٌ وَهُوَ الْغَرِيبُ الَّذِي أَنَزَعَ عَنْ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، أَيِ: الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَنِ الْأَوْطَانِ لِإِقَامَةِ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[باب مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِتَنِ]
3989 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (يَبْكِي) مِنَ الْبُكَاءِ (مَا يُبْكِيكَ) مِنَ الْإِبْكَاءِ (إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ) أَيْ: قَلِيلَ الرِّيَاءِ فَضْلًا عَنْ كَثِيرِهِ (مِنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا. . . إِلَخْ) فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ وَأَهْلَهُ الْمَخْصُوصُونَ وَبِهِ، وَفِي الشَّاهِدِ «مَنْ عَادَى أَهْلَ أُحُدٍ فَقَدْ عَادَانِي» (الْأَخْفِيَاءَ) جَمْعُ خَفِيٍّ وَهُوَ الْمُعْتَزِلُ عَنِ النَّاسِ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِمْ مَكَانَهُ (لَمْ يُفْتَقَدُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: مَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ إِلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِمْ

الصفحة 478