كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

[باب فِتْنَةِ الْمَالِ]
3995 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ أَوَ خَيْرٌ هُوَ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ اجْتَرَّتْ فَعَادَتْ فَأَكَلَتْ فَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكُ لَهُ وَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ. . . إِلَخْ) أَيْ: مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْغِنَى (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، أَيْ: حُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا (أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ) أَيِ: الْمَالُ الْخَيْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] فَكَيْفَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الشَّرُّ حَتَّى يَخَافَ مِنْهُ (أَنَّ الْخَيْرَ) الْمُطْلَقَ (لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ أَوْ خَيْرٌ هُوَ) أَيِ: الْمَالُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يُرِيدُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَمِثْلُهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الشَّرُّ (يُنْبِتُ الرَّبِيعُ) قِيلَ: هُوَ الْفَصْلُ الْمَشْهُورُ بِالْإِنْبَاتِ وَقِيلَ: هُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ الْمُنْفَجِرُ عَنِ النَّهْرِ الْكَبِيرِ (حَبَطًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَعًا، أَيِ: انْتِفَاخًا (أَوْ يُلِمُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ (إِلَّا) اسْتِثْنَائِيَّةٌ (أُكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (وَالْخَضِرُ) بِفَتْحِ خَاءٍ وَكَسْرِ ضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ، قِيلَ: نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ لَيْسَ مِنْ جَيِّدِهَا وَإِحْرَارِهَا وَقِيلَ: هُوَ كَلَأٌ الصِّيقِ الْيَابِسِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنْ أُكْلَةُ الْخَضِرِ انْتُفِعَ بِأَكْلِهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ الْكَلَأَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، وَقِيلَ: مُتَّصِلٌ مُفَرَّغٌ عَلَى الْإِنْبَاتِ أَيْ يَقْتُلُ الْأَكْلُ إِلَّا أُكْلَةَ الْخَضِرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُنْبِتُهُ الرَّبِيعُ خَيْرٌ، لَكِنَّ مَعَ ذَلِكَ يَضُرُّ إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْأُكْلَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَإِذِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَضُرُّ فَكَذَا الْمَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (إِذَا امْتَدَّتْ خَاضِرَتَاهَا) أَيْ: شَبِعَتْ (اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسُ) تَسْتَمْرِئُ بِذَلِكَ (فَثَلَطَتْ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَاللَّامِ، أَيْ: أَلْقَتْ رَجِيعَهَا سَهْلًا رَقِيقًا (ثُمَّ اجْتَرَّتْ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ.
3996 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (تَتَنَافَسُونَ) أَيْ: يَرْغَبُ فِي الْمَالِ

الصفحة 481