كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

لِأَنَّ الطَّاعَاتِ لَيْسَتْ مُسْتَوِيَاتٍ، فَمَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَتَرَكَ لَيْسَ كَمَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى.
[باب الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]
4004 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا) أَيْ: قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا النَّاسَ إِلَى الْهُدَى بِالْأَمْرِ يَعْنِي بِمَعْرُوفٍ، أَوْ بِالنَّهْيِ عَنْ مُنْكَرٍ فَلَا يَقْبَلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ إِذَا تَرَكُوا قَبُولَ ذَلِكَ يَسْقُطُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ غَيْرَ نَافِعٍ بِسَبَبِ تَرْكِ النَّاسِ قَبُولَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قِيلَ إِذَا تَرَكَ الْكُلُّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فَيَصِيرُ بِحَيْثُ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمُ الدُّعَاءُ.
4005 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ «قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ) أَيْ: فَعُلِمَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ بَيَانَ عَدَمِ لُزُومِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، بَلِ الْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ مَعْصِيَةَ الْغَيْرِ لَا تَضُرُّ إِذَا أُتِيَ بِمَا عَلَيْهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، نَعَمْ إِذَا لَمْ يَقْبَلِ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْآيَةُ خِطَابٌ لِمَنْ سَقَطَ عَنْهُمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ بِسَبَبِ عَدَمِ قَبُولِ النَّاسِ ذَلِكَ.
4006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمْ النَّقْصُ كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآنُ فَقَالَ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 78] حَتَّى بَلَغَ {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 81] قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ لَا حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَمْلَاهُ عَلَيَّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ) أَيْ: مَا رَآهُ مِنْهُ أَمْسُ (أَكِيلُهُ) الْأَكِيلُ مَنْ يُصَاحِبُكَ فِي الْأَكْلِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَكَذَا الشَّرِيبُ وَالْخِلْطُ (فَضَرَبَ اللَّهُ) أَيْ: جَعَلَ قُلُوبَ الَّذِينَ تَرَكُوا

الصفحة 484