كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
4013 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فَبِلِسَانِهِ) أَيْ: فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَبِقَلْبِهِ، أَيْ: فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِلِسَانِهِ، أَوْ بِقَلْبِهِ، أَمَّا فِي الْقَلْبِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ فَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ بِالْيَدِ فَكَيْفَ يُغَيِّرُهُ بِاللِّسَانِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يُمْكِنُ التَّغْيِيرُ بِطِيبِ الْكَلَامِ مَعَ عَدَمِ اسْتِطَاعَةِ التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ، لَكِنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ قَلِيلٌ جِدًّا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ إِنْ أَمْكَنَ التَّغْيِيرُ بِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ، أَيِ: الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَفُ فِي نَفْسِهِ إِذْ لَا يَكْتَفِي بِهِ إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ، نَعَمْ إِذَا اكْتَفَى بِهِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ فَلَيْسَ فِيهِ ضَعْفٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ وَالتَّكْلِيفُ بِالْوُسْعِ.
[باب قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ]
ْ} [المائدة: 105]
4014 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ قُلْتُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] قَالَ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا يَدَانِ لَكَ بِهِ فَعَلَيْكَ خُوَيْصَةَ نَفْسِكَ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلْتَ عَلَى صِيغَةِ الْخِطَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِيغَةِ التَّكَلُّمِ، وَأَمَّا سَأَلْتُ الثَّانِي فَعَلَى صِيغَةِ التَّكَلُّمِ (شُحًّا مُطَاعًا) أَيْ: مُطِيعٌ كُلَّ وَاحِدٍ وَلَا يُخَالِفُ اللَّهَ تَعَالَى بِخِلَافِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ عَنْ إِطَاعَتِهِ (مُؤْثَرَةٌ) أَيْ: يَخْتَارُهَا كُلُّ أَحَدٍ عَلَى الدِّينِ وَيَمِيلُ إِلَيْهَا لَا إِلَيْهِ (وَإِعْجَابُ. . . إِلَخْ) أَيْ: فَلَا يَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُ هُوَ الصَّوَابُ الظَّاهِرُ وَرَأَى أَنَّ رَأْيَكَ هُوَ الْخَطَأُ الْوَاقِعُ قَوْلُهُ: (لَا يَدَانِ لَكَ) تَثْنِيَةُ الْيَدِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَكَ فِي دَفْعِهِ (فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ) دَفْعٌ لِمَا يُسْتَبْعَدُ مِنْ وُقُوعِ شِدَّةِ الْحَالَةِ وَبَيَانُ أَنَّهَا مُتَحَقِّقَةٌ قَطْعًا (أَيَّامَ الصَّبْرِ) بِالْإِضَافَةِ، أَيْ: أَيَّامًا يَعْظُمُ

الصفحة 487