كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

الدِّينُ، وَإِنَّمَا الدَّاعِي لَهُ الْبَلَاءُ.
4038 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ يَعْنِي مَوْلَى مُسَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُنْتَقَوُنَّ كَمَا يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ فَلْيَذْهَبَنَّ خِيَارُكُمْ وَلَيَبْقَيَنَّ شِرَارُكُمْ فَمُوتُوا إِنْ اسْتَطَعْتُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَتُنْتَقَوُنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْوَاوُ مَضْمُومَةٌ وَالنُّونُ ثَقِيلَةٌ (مِنْ أَغْفَالِهِ) قَدْ جَاءَ الْفِعْلُ بِضَمَّتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَجْهُولِ وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى التَّكْثِيرِ الرَّفِيعِ وَالْمَعْنَيَيْنِ نَوْعُ مُنَاسَبَةٍ بِالْمَقَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ قَوْلُهُ: (فَمُوتُوا) أَيْ: إِذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَمُوتُوا يُرِيدُ أَنَّ الْمَوْتَ خَيْرٌ حِينَئِذٍ مِنَ الْحَيَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ عَزِيزَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَأَبُو حُمَيْدٍ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا وَثَّقَهُ وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
4039 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ) أَيِ: التَّمَسُّكُ بِالدِّينِ وَالسُّنَّةِ (إِلَّا شِدَّةً) لِقِلَّةِ أَعْوَانِهِ وَكَثْرَةِ مُخَالِفِيهِ (وَلَا الْمَهْدِيُّ) أَيْ: وَصْفًا لَا لَقَبًا أَيِ الْمُتَّصِفُ بِالْهَدْيِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مُطْلَقُ الِاسْمِ وَهُوَ عِيسَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّقَبَ بِالْمَهْدِيِّ لَيْسَ إِلَّا لِعِيسَى، فَالْحَدِيثُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَا يُخَالِفُ أَحَادِيثَ الْمَهْدِيِّ، وَفِي الزَّوَائِدُ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ أَنْ رَوَى هَذَا الْمَتْنَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَذَا حَدِيثٌ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ سَنَدَ أَبِي يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ بِهِ وَقَدْ بَسَطَ السُّيُوطِيُّ الْقَوْلَ فِيهِ وَخُلَاصَةُ مَا نَقَلَ عَنِ الْحَافِظِ عِمَادِ الدِّينِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ الصَّغَانِيِّ الْمُؤَذِّنِ شَيْخِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُولِ كَمَا زَعَمَهُ الْحَاكِمُ، بَلْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ ثِقَةٌ وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رَأَى الشَّافِعِيَّ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ كَذَبَ عَلَيَّ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ لَا يُطْعَنُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ مَنَامٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِثْبَاتِ مَهْدِيٍّ غَيْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُنَافِيهَا، بَلْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ حَقٌّ، الْمَهْدِيُّ هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا أَيْضًا

الصفحة 495