كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

(فَيُصْبِحُونَ) مِنْ أَصْبَحَ (مُمْحِلِينَ) مُجْدِبِينَ (بِالْخَرِبَةِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيِ: الْأَرْضِ الْخَرَابِ (كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ) أَيْ: كَمَا يَتْبَعُ النَّحْلُ الْيَعَاسِيبَ جَمْعُ يَعْسُوبٍ وَهُوَ كَبِيرُ النَّحْلِ وَلَا يُفَارِقُهُ النَّحْلُ (جِزْلَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ: قِطْعَتَيْنِ (رَمْيَةَ الْغَرَضِ) بِفَتْحِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ الْهَدَفُ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ أَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ يَكُونُ بِقَدْرِ رَمْيَةِ السَّهْمِ إِلَى الْهَدَفِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَصْفُ الضَّرْبَةِ، أَيْ: تُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ (فَيُقْبِلُ) مِنَ الْإِقْبَالِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَاءَ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيَمْتَزِجُ الصَّادِقُ بِالْكَاذِبِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَكُلَّمَا ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ مُعَارِضَةٌ لِلدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ الْيَقِينِيَّةِ (يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ) أَيْ: يَسْتَنِيرُ وَتَظْهَرُ عَلَيْهِ أَمَارَاتُ السُّرُورِ (عِنْدَ الْمَنَارَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهِ قَالَ وَقَدْ وُجِدَتْ مَنَارَةٌ فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلِيلِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ مِنَ الدَّلَائِلِ بِلَا رَيْبَ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُوحِيَ إِلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ وَقَدْ رَوَيْتُ مَرَّةً الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَهُوَ قَوْلُهُ: (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا» فَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ مَا كَانَ التَّارِيخُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَقُولَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا حَدَثَ التَّارِيخُ بَعْدَهُ فَقُلْتُ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ فَعَلَّقَ أُمُورًا كَثِيرَةً عَلَى مَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي وَقْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِمُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَدِيثُ نُزُولِ عِيسَى بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَلَا يُنَافِيهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَهُوَ مُعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إِذْ ذَاكَ وَالْأُرْدُنُّ اسْمُ الْكُورَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ دَاخِلٌ فِيهِ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي

الصفحة 510