كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

أَنَّ الزُّهْدَ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ وَالْوَرَعُ تَرْكُ مَا يُخْشَى ضَرَرُهُ فِي الْآخِرَةِ.
قَوْلُهُ: (بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ) أَيْ: بِتَرْكِ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَلَا يَتَنَاوَلُهَا (أَنْ لَا تَكُونَ) أَيْ: أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِمَادُكَ عَلَى حَالِكَ أَكْثَرَ مِنَ اعْتِمَادِكَ عَلَى رِزْقِ اللَّهِ فَلَا يُهِمُّكَ جَمْعُ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّكَ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، بَلْ تَنْظُرُ إِلَى رِزْقِ اللَّهِ وَتَتْرُكُ هَمَّ الْجَمْعِ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: (إِذَا أُصِبْتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فِيهَا) أَيْ: فِيمَا فَاتَ فِي الْمُصِيبَةِ لَا فِي نَفْسِ الْمُصِيبَةِ أَيْ أَنْ يَصِيرَ ثَوَابُ الْمُصِيبَةِ عِنْدَكَ خَيْرًا مِمَّا فَاتَ فِي الْمُصِيبَةِ مِنَ الْمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَلْبُ مُتَعَلِّقًا بِالدُّنْيَا لَا ابْتِدَاءً اعْتِمَادًا عَلَى الرِّزْقِ لَا الْمَالِ وَلَا بَقَاءَ رَغْبَتِهِ فِي الثَّوَابِ دُونَ الْمَالِ.
4101 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي خَلَّادٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ قَدْ أُعْطِيَ زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فَاقْتَرَبُوا مِنْهُ) أَيْ: أَصْغُوا وَاسْمَعُوا مِنْهُ مَا يَقُولُ (فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ) أَيْ: يُظْهِرُهَا فِي كَلَامِهِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تُلْقَى فِي قَلْبِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ لَمْ يُخَرِّجِ ابْنُ مَاجَهْ لِأَبِي خَلَّادٍ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا.
4102 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ) فَإِنَّ الدُّنْيَا مَحْبُوبَةٌ عِنْدَهُمْ، فَمَنْ يُزَاحِمُهُمْ فِيهَا يَصِيرُ مَبْغُوضًا عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَنْ تَرَكَهُمْ وَمَحْبُوبَهُمْ يَكُونُ مَحْبُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَاتُّهِمَ

الصفحة 523