كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

أَيْ: دُومُوا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ الْمَوْتُ وَأَنْتُمْ عَلَيْهِ، قِيلَ: الْأَمْرُ بِحُسْنِ الظَّنِّ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِحُسْنِ الْعَمَلِ إِذْ لَا يَحْسُنُ الظَّنُّ إِلَّا عِنْدَ حُسْنِ الْعَمَلِ.
4168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[باب الْحِكْمَةِ]
4169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُمَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ) أَيْ: ذَاتُ الْحِكْمَةِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهَا (ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ) أَيْ: مَطْلُوبَةٌ لَهُ بِأَشَدِّ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الطَّلَبِ كَمَا يَطْلُبُ الْمُؤْمِنُ ضَالَّتَهُ وَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْإِخْبَارَ إِذْ كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ طَلَبٌ لِلْحِكْمَةِ أَصْلًا، بَلِ الْمَطْلُوبُ بِهِ الْإِرْشَادُ كَالتَّعْلِيمِ أَيِ اللَّائِقُ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُ الْكَلِمَةَ الْحِكْمَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَارُ الْحَمْلِ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْكَامِلِ فِي الْإِيمَانِ (حَيْثُمَا وَجَدَهَا) أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَظَرُ الْمَرْءِ إِلَى الْقَوْلِ لَا إِلَى الْقَائِلِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَا قَالَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ قَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
4170 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَغْبُونٌ فِيهِمَا) أَيْ: ذُو خُسْرَانٍ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ الْخَازِنِ النِّعْمَةُ مَا يَتَنَعَّمُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَيَسْتَلِذُّهُ وَالْغَبَنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَضْعَافِ الثَّمَنِ، أَوْ يَبِيعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَمَنْ صَحَّ بَدَنُهُ وَتَفَرَّغَ مِنَ الْأَشْغَالِ الْعَاتِقَةِ وَلَمْ يَسْعَ لِصَلَاحِ آخِرَتِهِ فَهُوَ كَالْمَغْبُونِ فِي الْبَيْعِ اهـ. وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ غَالِبَ النَّاسِ لَا يَنْتَفِعُونَ بِالصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ، بَلْ يَصْرِفُونَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَالِّهِمَا فَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَقِّهِمْ وَبِالْأَبْعَدِ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ صَرَفُوهُ فِي مَحِلِّهِ لَكَانَ لَهُمْ خَيْرًا، أَيْ: خَيْرٌ فَكَانُوا يَتَبَدَّلُونَ بِذَلِكَ الْخَيْرِ هَذَا

الصفحة 542