كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

فِيهِ يُحَصِّلُ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْخَلْقِ وَمَعَ الْخَلَائِقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَنَسٍ ضَعِيفٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ وَأَبُو رَوْحٍ الدِّمَشْقِيُّ ضَعَّفُوهُ.
4183 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ) بِحَذْفِ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ لِلْجَازِمِ وَإِبْقَاءِ الثَّانِيَةِ مَكْسُورَةً (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) أَيْ أَنَّ الْحَيَاءَ هُوَ الدَّافِعُ عَنِ ارْتِكَابِ السُّوءِ فَالْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَبَائِحِ الدِّينِيَّةِ وَمِنَ النَّاسِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَبَائِحِ الْعَادِيَّةِ فَإِذَا فُقِدَ الْحَيَاءُ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا يَفْعَلُ فَالْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمَرْءِ مِنَ النَّظَرِ فِيمَا يَفْعَلُ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا يَسْتَحْيِي مِنْهُ فَلْيَفْعَلْ، وَإِلَّا فَلْيَدَعْ، وَقِيلَ: هُوَ وَعِيدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]
4184 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: أَهْلُ الْإِيمَانِ فِي الْجَنَّةِ (وَالْبَذَاءُ) هُوَ بِالْمَدِّ الْفُحْشُ مِنَ الْقَوْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ احْتَجَّ فِي صَحِيحِهِ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.
4185 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَا كَانَ الْفُحْشُ) بِضَمِّ الْفَاءِ فَسُكُونِ الْحَاءِ اسْمٌ مِنَ الْإِفْحَاشِ قَالَ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هُوَ الْكَلَامُ بِمَا يُكْرَهُ سَمَاعُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ.
[باب الْحِلْمِ]
4186 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا) أَيْ: حَبَسَ نَفْسَهُ عَنْ إِجْرَاءِ مُقْتَضَاهُ (يُنْفِذُهُ) مِنَ الْإِنْفَاذِ، أَيْ: قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُقْتَضَاهُ وَفِيهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمَدُ الْقَادِرَ عَلَى تَأْخِيرِ مُقْتَضَاهُ وَغَيْرُهُ يَكْظِمُ خَيْرًا، لَكِنْ إِنْ تَرَكَ الِانْتِقَامَ كَمَيْلِ طَبْعِهِ إِلَى الْمُسَامَحَةِ وَالتَّحَمُّلِ

الصفحة 546