كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

لِكَوْنِهَا مَحْبُوبَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَهُ تَعَالَى.
4248 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمْ السَّمَاءَ ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ عَلَيْكُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَتَابَ عَلَيْكُمْ) يُرِيدُ أَنَّ كَثْرَةَ الذُّنُوبِ لَا تَمْنَعُ عَنِ التَّوْبَةِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
4249 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَالْتَمَسَهَا حَتَّى إِذَا أَعْيَى تَسَجَّى بِثَوْبِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةَ الرَّاحِلَةِ حَيْثُ فَقَدَهَا فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ بِرَاحِلَتِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَلَّهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَفْرَحُ (بِفَلَاةٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَيْ: بِمَفَازَةٍ (أَعِيَا) أَيْ جَعَلَهُ الِالْتِمَاسُ عَاجِزًا (تَسَجَّى) ، أَيْ: تَغَطَّى بِثَوْبِهِ لِيَمُوتَ مَكَانَهُ (وَجْبَةُ الرَّاحِلَةِ) صَوْتُ وَقْعِ قَدَمِهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ.
4250 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ) إِطْلَاقُ الذَّنْبِ يَشْمَلُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ كَانَ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا صَحَّتْ بِشَرَائِطِهَا فَهِيَ مَقْبُولَةٌ (كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الذَّنْبَ يُرْفَعُ مِنْ صَحَائِفِ أَعْمَالِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْعِقَابِ فَقَطْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، ثُمَّ الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ فِي زَوَائِدِهِ، وَقَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَا قَالَ وَأَبْقَى الْحَدِيثَ عَلَى الْحَالِ، وَفِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، بَلْ حَسَّنَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي لِشَوَاهِدِهِ، وَإِلَّا فَأَبُو عُبَيْدَةَ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.
4251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (خَطَّاءٌ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: كَثِيرُ الْخَطَأِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَأِ الْمَعْصِيَةُ عَمْدًا، أَوْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْخَطَأُ الْمُقَابِلُ لِلصَّوَابِ دُونَ الْعَمْدِ (التَّوَّابُونَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] أَيْ: دُونَ الْمُصِرِّينَ فَإِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يَجْعَلُهَا كَبِيرَةً فَكَيْفَ عَلَى الْكَبِيرَةِ.

الصفحة 562