كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

طَائِرًا كَتَمَثُّلِ الْمَلَكِ بَشَرًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرُّوحَ يَدْخُلُ فِي بَدَنِ طَائِرٍ كَمَا فِي رِوَايَاتٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: إِذَا فَسَّرْنَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الرُّوحَ يَتَشَكَّلُ طَيْرًا فَالْأَشْبَهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّيَرَانِ فَقَطْ لَا فِي صُورَةِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّ شَكْلَ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ الْأَشْكَالِ اهـ. قُلْتُ: هَذَا إِذَا كَانَ الرُّوحُ الْإِنْسَانِيُّ لَهُ شَكْلٌ فِي نَفْسِهِ وَيَكُونُ عَلَى شَكْلِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا شَكْلَ لَهُ، بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدًا، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَتَشَكَّلَ ذَلِكَ الْمُجَرَّدُ لِحِكْمَةٍ مَا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَشَكَّلَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى شَكْلِ الطَّائِرِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ لِلطَّيْرِ الْحَيَاةُ بِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ أَوَّلًا وَالْأَوَّلُ عَيْنُ مَا تَقُولُهُ التَّنَاسُخِيَّةُ وَالثَّانِي مُجَرَّدُ حَبْسٍ لِلْأَرْوَاحِ وَتَسَجُّنٍ، وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَمَنَعَ كَوْنَهُ حَبْسًا وَتَسَجُّنًا لِجَوَازِ أَنْ يُقَدِّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَلْكَ الْأَجْوَافِ مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ مَا تَجِدُهُ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ اهـ. وَلِهَذَا الْكَلَامِ بَسْطٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قَوْلُهُ: (يَعْلُقُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَبِالتَّخْفِيفِ.
4272 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ مُثِّلَتْ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ دَعُونِي أُصَلِّي»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(مُثِّلَتْ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: صُوِّرَتْ أَصْلُ جَوَابًا بِاللَّامِ فَحَذَفَ الْيَاءَ إِلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْيَاءُ لِلْإِشْبَاعِ، أَوْ يُعْتَذَرُ بِإِعْطَاءِ الْمُعْتَلِّ حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ سَمِعَ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ بْنُ حَفْصٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
[باب ذِكْرِ الْبَعْثِ]
4273 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ صَاحِبَيْ الصُّورِ بِأَيْدِيهِمَا أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّورِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَتَيْنِ تَكُونَانِ فِي قَرْنَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَلَكٌ،

الصفحة 570