كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «كَيْفَ أَنَّهُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ،» وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ.
4274 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَدَهُ فَلَطَمَهُ قَالَ تَقُولُ هَذَا وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ) أَيْ: مِمَّنْ عَلِمَ صَعْقَهُمْ جَزْمًا فَلَا يُنَافِي احْتِمَالَ كَوْنِ مُوسَى أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صُعِقَ (أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ) أَيْ: فَلَمْ يُصْعَقْ، أَيْ: فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَهُ فَضْلٌ جُزْئِيٌّ عَلَى الْبَشَرِ فَلَا يَنْبَغِي الْمُخَاصَمَةُ مَعَ مَنْ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ الْيَهُودِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْفَضْلِ الْجُزْئِيِّ، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ أَرَادَ الْمَنْعَ عَنِ الْبَحْثِ عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ لِئَلَّا يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ فِي شَأْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى) بِوَزْنِ حَتَّى اسْمٌ لِأَبِي يُونُسَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَيْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ افْتِخَارًا، وَاعْتِقَادُ الْجَوَازِ الِافْتِخَارُ لَهُ فَقَدْ كَذَبَ إِذِ الِافْتِخَارُ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ قُلْتُ: كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُوسَى مُسْتَثْنًى مِنَ النَّفْخَةِ الْأُولَى، أَوْ لِمَ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَهَا وَالنَّفْخَةُ الْأُولَى إِنَّمَا تُدْرِكُ الْأَحْيَاءَ حِينَئِذٍ. قُلْتُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ فَيُمْكِنُ أَنْ تُدْرِكَهُمْ هَذِهِ النَّفْخَةُ وَلِهَذَا الْكَلَامُ تَفْصِيلٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
4275 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ وَقَبَضَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ وَيَتَمَايَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (يَأْخُذُ الْجَبَّارُ. . . إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ غَايَةِ عَظَمَتِهِ تَعَالَى وَحَقَارَةِ الْأَفْعَالِ الْعِظَامِ الَّتِي تَتَحَيَّرُ فِيهَا الْأَوْهَامُ بِالْإِضَافَةِ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى، وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِهَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ

الصفحة 571