كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

أَيِ: الْمُرَادُ بِإِخْوَانِي، أَوِ الَّذِينَ لَهُمْ أُخُوَّةٌ فَقَطْ (وَأَنَا فَرَطَكُمْ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَتَقَدَّمُكُمْ (عَلَى الْحَوْضِ) أُهَيِّئُ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَالْخِطَابُ لِلْحَاضِرِينَ وَمَنْ بَعُدَ تَغْلِيبًا (كَيْفَ تَعْرِفُ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ تَمَنِّي الرُّؤْيَةِ وَتَسْمِيَتِهِمْ بِاسْمِ الْأُخُوَّةِ دُونَ الصُّحْبَةِ لَا يَرَاهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يَتَمَنَّى عَادَةً مَا لَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ وَلَوْ حَصَلَ اللِّقَاءُ فِي الدُّنْيَا لَكَانُوا أَصْحَابَهُ وَفَهِمُوا مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا فَرَطُكُمْ بِعُمُومِ الْخِطَابِ أَنَّهُ يَعْرِفُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَسَأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ (أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي وَالْخِطَابُ مَعَ كُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنَ الْحَاضِرِينَ، أَوِ الرَّائِينَ (دُهْمٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَكَذَا بُهْمٌ الْمُرَادُ بِهِمَا السُّودُ وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ (فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا. . . إِلَخْ) أَيْ: وَسَائِرُ النَّاسِ لَيْسُوا كَذَلِكَ إِمَّا لِاخْتِصَاصِ الْوُضُوءِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَحَدِيثُ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» إِنْ صَحَّ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْوُضُوءِ فِي سَائِرِ الْأُمَمِ، بَلْ فِي الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ لِاخْتِصَاصِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ (لَيُذَادُنَّ) بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الذَّوْدِ وَهُوَ الطَّرْدُ (أَلَا سُحْقًا) أَيْ: بُعْدًا.
[باب ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ]
4307 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فَهِيَ نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ) أَيْ: فِي حَقِّ الْأُمَّةِ عُمُومًا فِي هَلَاكِهِمْ، أَوْ نَجَاتِهِمْ (مُسْتَجَابَةٌ) أَيْ: قَطْعًا لِلدَّعْوَةِ بِاسْتِجَابَتِهِ، وَأَمَّا بَاقِي دَعَوَاتِهِمْ فِي حَقِّ الْأُمَمِ فَهِيَ فِي حَيِّزِ الْمَشِيئَةِ، نَعَمْ، الْغَالِبُ الِاسْتِجَابَةُ قَوْلُهُ: (اخْتَبَأْتُ) بِهَمْزَةٍ، أَيِ: ادَّخَرْتُهَا (مَنْ مَاتَ) مِثْلَ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَقَدْ جَاءَ شُمُولُ الشَّفَاعَةِ لَهُمْ جَمِيعًا صَرِيحًا فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَيَرَى

الصفحة 581