كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

عَلَى تَقْدِيرِ فَرْضِ تَجَسُّمِهِ وَذَبْحِهِ لَا يُوجِبُ ذَبْحَهُ الْعِلْمَ بِعَدَمِ الْمَوْتِ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ خَلْقِ مِثْلِهِ، أَوْ إِعَادَتِهِ كَمَا أَعَادَ الْمَوْتَى الْمَذْبُوحِينَ مِنْهُمْ وَغَيْرَهُمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[باب صِفَةِ الْجَنَّةِ]
4328 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمِنْ بَلْهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] قَالَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْرَؤُهَا مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَخَرَّهَا لِيَكُونَ خَتْمُ الْكِتَابِ بِهَا تَفَاؤُلًا بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
قَوْلُهُ: (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ. . . إِلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يُبْصِرْ ذَاتَهُ عَيْنٌ وَلَا سَمِعَتْ وَصْفَهُ أُذُنٌ وَلَا خَطَرَ مَاهِيَّتُهُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الصُّورَةَ الْحَسَنَةَ وَبِالثَّانِيَةِ الْأَصْوَاتَ الطَّيِّبَةَ وَبِالثَّالِثِ الْخَوَاطِرَ الْمُفْرِحَةَ كَذَا قِيلَ. قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا، فَالظَّاهِرُ تَكْرَارُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا ذِكْرُهَا مَرَّةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَمِنْ بَلْهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ) قِيلَ: هُوَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ لَامٍ وَفَتْحِ هَاءٍ بِمَعْنَى دَعْ، أَيْ: دَعْ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ وَعَرَفْتُمُوهَا مِنْ لَذَّاتِهَا فَالَّذِي لَمْ يُطْلِعُكُمْ عَلَيْهِ أَعْظَمِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا وَجْهَ لِكَلِمَةِ مِنْ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اتَّفَقَ النَّسْخُ عَلَى رِوَايَةِ مِنْ بَلْهَ وَالصَّوَابُ إِسْقَاطُ كَلِمَةِ مِنْ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى غَيْرِ وَسِوَى فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ مِنْ سِوَى مَا ذُكِرَ فِيهِ.
4329 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَشِبْرٌ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (لَشِبْرٌ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَاكَ بَاقٍ وَهَذِهِ فَانِيَةٌ فَأَيُّ نِسْبَةٍ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ذَاكَ هُوَ الْخَيْرُ الْخَالِصُ، وَأَمَّا هَذِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَرًّا خَالِصًا فَلَا شَكَّ فِي غَلَبَةِ الشَّرِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
4330 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ سَوْطٍ) أَيْ: أَدْنَى مَكَانٍ وَأَقَلُّهُ، وَخَصَّ

الصفحة 589