كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

4338 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ) هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ جِمَاعٌ وَلَا يَكُونُ وَلَدٌ وَهَكَذَا يُرْوَى عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ» هَذَا إِذَا اشْتَهَى وَلَكِنْ لَا يَشْتَهِي قَالَ مُحَمَّدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ» اهـ. وَحَاصِلُ التَّأْوِيلِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّ قَوْلَهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ» عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ فَكَلِمَةُ إِذَا وُضِعَتْ مَوْضِعَ لَوِ الْمُفِيدَةِ لِلْفَرْضِ.
4339 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ حَبْوًا فَيُقَالُ لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي أَوْ أَتَضْحَكُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَكَانَ يُقَالُ هَذَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا. . . إِلَخْ) كَأَنَّهُ تَعَالَى يُخْفِي عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَهْلِ أَنَّهُ مَا بَقِيَ فِيهَا مَنْزِلٌ فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي كَأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَذَلِكَ وَأَنَّ الْجَنَّةَ مَا بَقِيَ قِيهَا أَدْنَى مَنْزِلٍ فَضْلًا عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْفَرَاغِ، قِيلَ: هَذَا الْكَلَامُ صَادِرٌ عَنْهُ وَهُوَ غَيْرُ ضَابِطٍ لِمَا قَالَ مِنَ السُّرُورِ بِبُلُوغِ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ فَلَمْ يَضْبِطْ لِسَانَهُ فَرَحًا وَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُخَالَطَةِ الْمَخْلُوقِ قَوْلُهُ: (ضَحِكَ) قِيلَ: إِنَّمَا ضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِعْجَابًا وَسُرُورًا بِمَا رَأَى مِنْ كَمَالِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُذْنِبِ وَكَمَالِ الرِّضَا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَتِ الْجَنَّةُ. . . إِلَخْ

الصفحة 594