كتاب حاشية السندي على سنن ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

[بَاب الصِّنَاعَاتِ]
2149 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ جَدِّهِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أُحَيْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَاعِيَ غَنَمٍ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ» قَالَ سُوَيْدٌ يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِلَّا رَاعِي غَنَمٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الرَّعْيِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَنَمَ أَكْثَرُ مِنَ الْمَوَاشِي انْتِشَارًا وَضَعْفًا فَرَاعِيهَا يَكُونُ أَقْدَرَ لِجَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ وَأَعْرَفَ بِتَدْبِيرِهِ، وَيَكُونُ أَرَقَّ قَلْبًا يُرَاعِي الضَّعِيفَ وَجَمْعَ الْمُتَفَرِّقِ (بِالْقَرَارِيطِ) جَمْعُ قِيرَاطٍ عَلَى أَنَّ يَاءَهُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّينَارِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِهِ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَجْعَلُونَهُ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ.
2150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ وَالْحَجَّاجُ وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (كَانَ نَجَّارًا) فَالْكَسْبُ الصَّالِحُ وَطَلَبُ الْحَلَالِ مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَأْبِ الْأَخْيَارِ.
2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَصْحَابَ الصُّوَرِ) الْمُرَادُ بِهَا تَمَاثِيلُ ذَوِي الْأَرْوَاحِ (يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ ادَّعَوُا التَّشْبِيهَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُعَذَّبُونَ لِذَلِكَ (وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا) أَمْرٌ مِنَ الْإِحْيَاءِ، أَيْ: لِيَتِمَّ مَا ادَّعَيْتُمْ بِلِسَانِ الْحَالِ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْمَقَالِ.
2152 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْذَبُ النَّاسِ الصَّبَّاغُونَ وَالصَّوَّاغُونَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: (الصَّبَّاغُونَ) أَيِ: الَّذِينَ يَصْبُغُونَ الثِّيَابَ (وَالصَّوَّاغُونَ) أَيِ: الَّذِينَ يَصِيغُونَ الْحُلِيَّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمُ الْكَذِبَ فِي الْمَوَاعِيدِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالتَّجْرِبَةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الْكَلَامَ، يَصُوغُونَهُ أَيْ: يُغَيِّرُونَ مَا سَمِعُوا وَيَخْتَرِعُونَ غَيْرَهُ، وَأَصْلُ الصَّبْغِ التَّغْيِيرُ. رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُدَّةً عَنْ تَفْسِيرِهِ فَقَالَ: الصَّبَّاغُ الَّذِي يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عِنْدِهِ يُزَيِّنُهُ بِهِ، وَأَمَّا الصَّائِغُ فَهُوَ الَّذِي يَصُوغُ الْحَدِيثَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَامِلُ بِيَدِهِ، وَهِيَ صَرِيحٌ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِكَثْرَةِ مَوَاعِيدِهِ الْكَاذِبَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَفِي بِهَا. قَالَ: وَفِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ نَظَرٌ. كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَفِي الزَّوَائِدِ

الصفحة 6