كتاب الطبقات الكبرى - متمم الصحابة - الطبقة الخامسة (اسم الجزء: 2)

قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير. فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر.
فوقف عليها. فسلم. ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها. فقالت: هذا وداع فلا تبعد إلا من النار.
فقال ابن الزبير: نعم جئت مودعا لك. إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي. واعلمي يا أمه أني إن قتلت. فإنما أنا لحم ودم لا يضرني ما صنع بي. قالت: صدقت. فأمض على بصيرتك «1» . ولا تمكن ابن أبي عقيل منك «2» . وادن مني أودعك. فدنا منها فعانقها. فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك.
قالت «3» : فإنه لا يشد مني بل يخالفني. فنزعها. ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص وأدخل أسفلها في المنطقة. وأمه تقول:
أليس «4» ثيابك مشمرة؟ قال: بلى هي على عهدك.
قالت: ثبتك الله. فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله. فقالت: تصبر والله إن شاء الله. أليس أبوك الزبير «5» ؟.
قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم. حتى أوقفهم خارجا من الباب. ثم حمل عليه أهل حمص. فحمل عليهم فمثل ذلك «6» ...
__________
(1) في تاريخ الطبري: 6/ 189 صدقت يا بني أتمم على بصيرتك.
(2) المراد الحجاج بن يوسف. انظر مختصر تاريخ دمشق: 6/ 228.
(3) عند الطبري: 6/ 189: قالت العجوز.
(4) في المصدر السابق: البس ثيابك مشمرة. بصيغة الأمر.
(5) في المصدر السابق بعد قولها:، تصبر والله إن شاء الله. أبوك أبو بكر والزبير. وأمك صفية بنت عبد المطلب،. وهذه المحاورة بين ابن الزبير وأمه أوردها الطبري في تاريخه 6/ 189 من طريق الواقدي عن موسى بن يعقوب الزمعي عن عمه.
(6) انظر تاريخ الطبري: 6/ 190 حيث يذكر ذلك بأسانيده عن الواقدي وبتفصيل أكثر.

الصفحة 96