كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 2)

فَرْعٌ آخرُ
قلت: يكره الفرار من الطاعون لما روى أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الطاعون فقال: "بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا، وإذا وفع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا فيها". وقال عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[362 ب/3] يقول: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً" وقوله: "لا تقدموا عليه" إثبات الحذر والنهي عن التعرض للتلف، وقوله: "ولا تخرجوا فراراً منه" فيه إثبات التوكل والتسليم لأمر الله تعالى وقضائه، فأحد الأمرين تأديب وتعليم والآخر تفويض.
فَرْعٌ آخرُ
قلت: يستحب إذا مات في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أو في يوم عاشوراء أو يوم في يوم عرفة أن يتفاءل له خيراً ويرغب في حضور جنازته، لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله وحشة القبر".
فَرْعٌ آخرُ
قلت: يستحب إذا نزل به آيات الموت أنه لا يجزع من الموت، ولا بأس أن يجزع من الذنوب، وروى عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال ذلك، قالت عائشة: يا نبي الله كلنا نكره الموت فقال: "ليس كذلك ولكن المؤمن إذا [363 أ/3] بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، والكافر إذ بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه". وقال عبد الله بن مسعود: "إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام، فمن كان حاله هذا ينبغي أن يستأثر الموت ويختاره، اللهم ارزقنا هذا برحمتك".
فَرْعٌ آخرُ
قلت: يستحب إذا أراد أن يسأل من الله تعالى حاجة أن يفعل ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رواية عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: "من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليجسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثنين على الله تعالى وليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والعافية من كل بر، والسلامة من كل إثم، ثم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجة هي لك

الصفحة 605