كتاب غريب الحديث للخطابي (اسم الجزء: 2)

وأخبرني بعضُ أصحابنا عَنْ إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرفة النحوي في قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} 1 معناه نساءك طهرهن. ويقال: نفسك طهرها لأن الثياب يكني بها عَنِ النفس أنشدني بعضهم أنشدنا ابن الأنباري:
رَموْها بأثوابٍ خِفَافٍ فَلنْ تَرَى ... لها شَبَهًا إلا النعام المنفرا 2
يريد بأنفس خفاف وقال آخر:
ألا أبلغ حفص رسولا ... فدى لك من أخي ثقة إزاري 3
أي نفسي ويقال: بل أراد فدى لك أهلي وكلاهما وجه 4. ومِنْ هَذَا قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ حِينَ قال رسول الله لِلأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ: "أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ" فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بنْ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ والذي بعثك بالحق لنمنعنك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَزْرَنَا 5 أَيْ أَنْفُسُنَا وَنِسَاءُنَا.
والحلة: ثوبان إزار ورداء ولا تسمى حلة حتى تكون جديدة تحل عَنْ طيها.
__________
1 سورة المدثر:"4".
2 اللسان والتاج "ثوب" وعزي لمرئ القيس ولم أقف عليه في ديوانه: المعارف. وسبق في الجزء الأول لوزحة "78, 234".
3 اللسان والتاج "أزر" والبيت لنفيلة الأكبر الأشجعي وكنيته أبو المنهال وهو ضمن ستة أبيات وللشعر قصة في اللسان.
4 في اللسان "أزر" قال أبو عمرو الجرمي: يريد بالإزر ههنا المرأة.
5 أخرجه البيهقي في حديث طويل في دلائل النبوة "2/ 185" وابن هشام في سيرته "2/ 63" وذكره ابن كثير في السيرة النبوية "2/ 197".

الصفحة 101