كتاب غريب الحديث للخطابي (اسم الجزء: 2)

هَجَمَ والتَّاء زائِدَة كِهَي في قولهم شَرٌّ تُرْتَبٌ أي راتِبٌ دائم قال القُلاخُ المِنْقَري:
وَذِي تُدْرَأٍ ما اللَّيْثُ في أَصْلِ غَابَةٍ ... بِأَشْجَعَ مِنْهُ عِنْدَ قِرْنٍ يُنَازِلُه 1
وَقَالَ بعضهم: تُدْرَأُ القوم رَئيسُهُم.
وقولُهُ اقْطَعُوا لِسَانَهُ مَعْنَاه أَعْطُوهُ ما يُسْكِتُهُ ويُرْضِيِهِ كَنَى باللِّسانِ عَنِ الكلام كَقَوْل الشَّاعِر:
إنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لا أُسِرُّ بِهَا ... من عَلْوَ لا كَذِبٌ فيها ولا سَخَرُ 2
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أتى شاعر النبي فَقَالَ: "يَا بِلالُ اقْطَعْ لِسَانَهُ" فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَقَالَ: قَطَعْتَ وَاللَّهِ لِسَانِي 3.
وَوَجْهُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ فَتَعَرَّضَ لَهُ بِالشِّعْرِ فَأَعْطَاهُ لِحَقِّهِ أَوْ لِحَاجَتِهِ لا لِشِعْرِهِ.
وقد رُوِّينَا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ" 4 يُرِيدُ الرَّدَّ وَالْخَيْبَةَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ عِنْدَمَا يُذْكَرُ مِنْ خَيْبَةِ الرَّجُلِ وَخَسَارَةِ صَفْقَتِهِ لَمْ يُحصِّلْ فِي كَفِّهِ غَيْرَ التُّرَابِ وَمَا فِي يَدِهِ غَيْرُ التَّيْرَبِ 5.
__________
1 في التاج "درأ" وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي "الحماسة "362" وجاء في الشرح: وإنما قال: "في أصل غابة" إشارة إلى دخوله وتمكنه من غابتها.
2 اللسان "علا" وعزى لأعشى باهلة وجاء فيه: "من علو ومن علو: أي أتاني خبر من أعلى".
3 أخرجه البيهقي في سننه "10/ 241".
4 أخرجه مسلم في "4/ 2297" وأبو داود في "4/ 254" بلفظ: "إذا لقيتم".
5 القاموس "ترب": التيرب: التراب.

الصفحة 17