كتاب غريب الحديث للخطابي (اسم الجزء: 2)
وقَوْلَه تَمَعْزَزُوا تَحْتَمِل وَجْهَين أَحَدَهُمَا أَنْ يَكُون مِن المَعْزِ وهُو الشِدَّة والصَّلابَة. يُقَال: رَجُلٌ مَاعِز ومَا أَمْعَزَهُ من رَجُلٍ أي ما أَشَدَّهُ وأَصْلَبَهُ ومِنْهُ قِيلَ للأرض الحَزْنَةِ ذَاتِ الحِجَارة المَعْزَاء ومَكَانٌ أَمْعَز وقَال الفَرَزْدَق:
قَطَعْتُ إلى مَعْرُوفِهَا مُنْكَراتِهَا ... إذا خَبَّ آلُ الأَمْعَزِ المُتَوَضِّحُ 1
والتَّمَعْزُز على هذه وَزْنَهُ التَّفَعْلُل من المَعْز.
والوَجْهُ الآخَر أَن يَكُون مُشْتَقًّا مِن العِزّ وهو الشِدَّةُ والقُوَّة قَالَ اللَّه تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} 2.
ومنه قولهم "من عزز بر"3 أَي مَن غَلَبَ سَلَب وتَكُون المِيم عَلَى هذا التَأْوِيل زَائِدةٌ لَيْسَت مِنْ نَفْسِ الحَرْف كَمَا قَالوا: تَمَدْرَعَ الرَّجُل من الدُرَاعَة وتَمَسْكَن وأَصْلُهُ من السُّكُون والمِيم زَائِدة. وهَذَا كحدِيِثِه الآخَر أَنَّهُ قَالَ 4: تَمَعْدَدُوا واخْشَوشِنُوا. وقَد فَسَّرَهُ أبو عبيد في كتابه 5.
__________
1 الديوان "124" برواية "إذا خب آل دونها يتوضح".
2 سورة يّس: "14".
3 مثل في اللسان "بزز" وعند الضبي "53" الفاخر "89" حمهرة الأمثال "2/ 288" مجمع الأمثال "2/ 307" أمثال المستقصى "2/ 357" أمثال أبي عبيد "113".
4 من د.
5 غريب الحديث "3/ 327".
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا صَالَحَ نَصَارَى أَهْلُ الشَّامِ كَتَبُوا لَهُ كِتَابًا إِنَّا لا نُحْدِثُ فِي مَدِينَتِنَا كَنِيسَةً وَلا قِلِّيَّةً وَلا نُخْرِجُ سعانينا ولا باعوثا 1
__________
1 أخرجه ابن عساكر في مقدمة تاريخه بهذا السند "564, 565" بلفظ "ولا نخرج شعانينا ولا باعوثنا ... " في حديث طويل وفي رواية في ص "567" بلفظ "وأن لا نخرج شعانين ولا باعوثا".
الصفحة 73