كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 2)

ينفرد عنه، وورد بالكتاب، خادم كبير من خدم السلطان.
فأنفذ الرخّجيّ إلى القاضي، فأعلمه، وقال: يصير إلى ديوان الخراج لنجتمع فيه على امتثال الأمر.
فقال القاضي: ولكن تصير أنت إلى الجامع، فنجتمع فيه، وتردّد الكلام بينهما، إلى أن قال الرخّجيّ للخادم: ارجع إلى حضرة أمير المؤمنين، واذكر القصّة، وإنّ قاضيه يريد إيقاف ما أمر به.
وبلغه الخبر، فركب محمد بن منصور، إلى الديوان، ومعه شهوده، فدخله، والرخجيّ فيه في دست، وكتّابه بين يديه، فلما بصروا به، قاموا إليه، إلّا الرخّجيّ.
فعدل القاضي عن موضعه في الديوان، فجلس في آخر البساط، بعد أن أمر غلامه، فطوى البساط، وجلس على البارية «1» ، وحفّ شهوده به، وجاء الخادم، فجلس عند القاضي، وأوقفه على الكتاب.
ولم يزل الرخّجيّ، يخاطب «2» القاضي، وبينهما مسافة، حتى فرغوا من الأمر.
فلما فرغوا، قال الرخّجيّ، للقاضي: يا أبا جعفر، ما هذه الجبريّة «3» ؟
لا تزال تتولّع بي، وتتحكّك بمنافرتي ومضاهاتي، وتقدّر أنّك عند الخليفة- أطال الله بقاءه- مثلي، ومحلّك يوازي محلّي.
قال: وأسرف في هذا الجنس من الفنّ، وحمي في الخطاب، والقاضي ساكت.
إلى أن قال الرخّجيّ، في جملة الكلام: والخليفة- أعزّ الله نصره-

الصفحة 13