يعني: لشدة حيائه وكرمه.
ومن ثَمَّ قال النسوة فيه: {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: 31].
قال القاضي البيضاوي في هذه الآية: كأن الجمع بين الجمال الرائق، والكمال الفائق، والعصمة البالغة من خواص الملائكة (¬1)، انتهى.
قلت: وصدق القاضي رحمه الله تعالى؛ فلا يكون العبد ملحقاً بالجمال والحسن بالملائكة عليهم السَّلام إلا إذا كان معصوماً أو محفوظاً، والذي استقرأته في مدة عمري - ولا أعتقد إلا أنه سنة من سنن الله تعالى جارية - أنه ما من جمال حفظه صاحبه، وصانه بالتقوى إلا ازداد بهاؤه وضياؤه كما طعن صاحبه في السن، وما من جمال عرضه صاحبه للتهم فامتهنه الفساق بأبصارهم (¬2)، وانتهكه الشعراء بأشعارهم (¬3) إلا عاد قبحاً وإجراماً في الْكِبَر.
وقد شاهدت جماعة من أولياء الله تعالى - في سن الشيخوخة؛ بحيث لو كان غيرهم لأدركه الهرم - يتلألأ في وجوههم أنوار التقوى
¬__________
= الكبير" (8557)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 532) إلى أبي الشيخ.
(¬1) انظر: "تفسير البيضاوي" (3/ 286).
(¬2) في "أ": "بأبصارها".
(¬3) في "أ": "بأشعارها".