ولكن الغالب أن تتمثل الملائكة للصالحين في سورة مأنوسة لهم للمجانسة.
قال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: 9]
وقد تقدم حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان الملك يتصور في سورة من يعرفون من الناس يثبتونهم؛ يعني: في غزاة بدر (¬1).
* فائِدةٌ:
روى الدينوري في "مجالسته"، والثعلبي في "تفسيره" عن محمد ابن جبير بن سليم، عن أبيه - رضي الله عنه - قال: لم يسمع أحد بالوحي يلقى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فإنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجده يوحى إليه، فسمع: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] (¬2).
قلت: ولِبنتِ الصديق عائشة رضي الله عنها خصوصية قريبة من هذه الخصوصية التي لأبيها؛ فقد روى البخاري، والترمذي [عن عائشة]، والنسائي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يا أُمَّ سَلَمَةَ! لا تُؤْذِيْنيْ فِيْ عائِشَةَ؛ فَإِنَّهُ - وَاللهِ - ما نزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنا فِيْ لِحافِ امْرَأةٍ منْكُنَّ غَيْرِها" (¬3).
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) رواه الثعلبي في "التفسير" (7/ 255).
(¬3) رواه البخاري (3564)، والترمذي (3879) عن عائشة، ورواه النسائي (3950) عن أم سلمة.