كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
وقال في رواية أَشهبَ: إنه يفرَّقُ بينهما وجوباً (¬1)، وهذه قاعدة مَذْهبِه (¬2)، فالنهيُ يقتضي الفسادَ عندَه مُطْلَقاً.
- وأما إذا نكحها في العِدَّةِ، فيفرق بينَهما عند الشافعيِّ، حتى إذا انقضتْ عِدَّتُها، كان خاطباً من الخُطَّاب، وحلَّت له.
وبه قال أبو حنيفةَ والثوريُّ (¬3)، سواءٌ دخل بها، أو لا؛ قياساً على ما لو زنى بها، فإنه يحلُّ له نكاحها، وهو قولُ عليٍّ وابنِ مسعود -رضي الله تعالى عنهما- (¬4).
وقال مالك: إن دخل بها في العدَّة، فإنها لا تحلُّ له أبداً، وبه قال الليثُ والأوزاعيُّ وأحمدُ (¬5)، واستدلوا يقول عمرَ -رضي الله
¬__________
(¬1) حكى هاتين الروايتين ابنُ رشد في "المقدمات الممهدات" (1/ 520)، وابن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 289)، والقرافي في "الذخيرة" (4/ 195).
ورواية أشهب هي العمدة في المذهب. انظر: "حاشية الدسوقي" (2/ 343).
(¬2) وهي أن الوسائل لها حكم المقاصد، فالمحرم المقصود هنا هو اختلاط الأنساب باجتماع المائين من الزوج السابق واللاحق، والعقد حرام تحريم الوسائل؛ لإفضائه إلى الوطء، والتصريح كذلك؛ لإفضائه للعقد، فهو وسيلة الوسيلة.
إذن فهو من باب سد الذرائع الذي اشتهر به المالكية. وانظر: "الذخيرة" للقرافي (4/ 193).
أو يقصد قوله الآتي: فالنهي يقتضي الفساد عنده مطلقاً.
(¬3) وهو قول الحنابلة والجمهور. انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (5/ 160)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (3/ 1014)، و"الحاوي" للماوردي (11/ 288)، و"البيان" للعمراني (11/ 101)، و"المغني" لابن قدامة (11/ 239).
(¬4) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (10532)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (19006)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (11/ 226) عن علي رضي الله عنه.
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (10533) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(¬5) وبه قال جماعة من أهل المدينة. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (16/ 218)،=
الصفحة 101
505