كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فمنهم من أوجب لها النصفَ، وأظنه قولَ أبي حنيفة.
ومنهم من لم يوجب لها شيئًا، بل هو مُخَيرٌ بين أن يفرضَ، أو يطلِّقَ، وهو قول مالكٍ والشافعي (¬1)؛ لعموم الآية، ولأن أصل الفرض لم يكن في عقد النكاح.
* فإن قلتم: فما الحكمُ فيما إذا توفي عنها قبل الفرض والمسيس، هل تُلْحَقُ الوفاةُ بالطَّلاقِ، أو لا؟
قلنا: ذهب مالكٌ، والزهريُّ، والأوزاعيُّ إلى إلحاق الوفاة بالطلاق، فأوجبا لها الميراثَ دون الصَّداقِ (¬2).
¬__________
(¬1) قلت: صَوغ هذه المسألة بهذه الطريقة فيه غموض ولبس، والأفضل فيها أن يقال:
إذا طلبت المفوضة من زوجها أن يفرض لها مهراً، فلم يجبها إلى ذلك:
فالشافعية يقولون: لا يجب لها شيء بطلبها حتى يعينه الزوج أو الحاكم، أو يدخل بها أو يموت عنها.
وقال الحنابلة: لا تستحق شيئاً كقول الشافعية.
وقال المالكية: هو مخير بين ثلاثة أشياء: إما أن يبذل لها صداق المثل، وإما أن يرضى بما تطلبه المرأة، وإما أن يطلق.
أما الحنفية فقالوا: لا شيء لها ولو تراضيا بعد ذلك على تسمية المهر، فإن طلقها، فلا تستحق سوى المتعة.
وعلى قول الشافعية والمالكية والحنابلة: إذا طلقها عند ذلك، فلا شيء لها سوى المتعة.
انظر: "البناية" للعيني (4/ 660)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (3/ 978)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: 207)، و"البيان" للعمراني (9/ 445)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 145).
(¬2) وهو قول أكثر الصحابة، وقول ربيعة والليث وعطاء وجابر بن زيد. وهو الصحيح عند الحنابلة والشافعية في الراجح عندهم. انظر: "الاستذكار" لابن=

الصفحة 106